بقلم :شرين هلال عدى سنين على ظهور السوشيال ميديا و طبعت على حياتنا و سلوكنا بسلوكيات كتير مكناش حاسبينها و تخطت حدود حسابات العالم الافتراضى و وصلت للتآمر و التخطيط من دول على دول اخرى و احنا جواها… دوامات بتدور و تلف بينا تحت مسميات برضو مصبوغة بصبغة السوشيال ميديا منها التريند و الهاشتاج،صنعت مشاهير و فتحت بيوت و فضحت نجوم و وقعت أنظمة و حرقت دول!!! و احنا جواها… و لاننا جوا عالم افتراضي افترضنا اننا بلا ضوابط و مش خاضعين لاي نوع من المحاسبة. حسابات باسماء وهمية و شخصيات بنخترعها عشان نبعد عن واقعنا لان العالم الافتراضى بيقدم لكل واحد امكانيات صناعة نفسه بالالوان و الامكانيات اللى يحب يشوف نفسه بيها :عايز تبقى قاهر الجيوش حط صورة چانكيزخان و ادخل طيح فى رقاب الموجودين بالسيوف و ادهس دماغ اللى ميعجبكش بحدوة خيل لسانك ما انت چانكيزخان بقى و بعثت من جديد مش مهم تكون فى الأصل شخص فاقد الثقة في نفسه و بتحاول تعظم نواقصك بعدد متابعينك و لمتهم حواليك و الدوامة ماشية و احنا جواها… و كمان اتلهينا عن قيمنا و انجرفنا لأسلوب السوشيال ميديا و نسينا اُسلوب المصريين خفيف الظل البعيد عن الاهانات. ساعدتنا شهوة التريندات و الرغبة فى الحصول على فانز و فولورز إننا نستأسد على بعض فى فرد عضلات السخرية و “التنمر” اللى بيعاقب عليها القانون حتى فى السوشيال ميديا. مكتفيناش بحرب بعض بالتلقيح و التنمر و الاهانات، لا احنا طلعنا لمستوى الهجوم على المشاهير و استحلال تحويل حياتهم لجحيم بفضل تطاولنا عليهم من باب الشر الأعظم “حرية الراي” من منظور انجرافنا ورا سيل الاهانات اللى بيستعملها مرتادو المواقع اللى هما مين بقى؟ “كله على كله” الغنى و الفقير المتعلم و غير المتعلم و المثقف و الجاهل الفاشل و الناجح الواثق و المهزوز كله على كله و احنا جواها …
علّيت بقى طموحات اباطرة السوشيال ميديا و أخدوا من حسابات المشاهير حصون لقذف سهامهم النارية . مَش معنى ان بنى ادم شخصية عامة انه من ممتلكات جنابك او عرضة لقذائف لسانك عشان حضرتك عندك حساب على السوشيال ميديا و لا من حقك تقيم الحفلات و “تحفل عليه” بلغة السوشيال ميديا عشان تبقى نجم فى وسط الافتراضيين اللى زيك. العالم بيعيش فاجعة كبيرة و هى الكورونا و حوالينا مآسي كتير و ناس فقدت اقرب الناس اليها ،ومن فترة بسيطة زعلنا على فقدان فنانة جميلة عرفت بالذوق و الشياكة فى المظهر و الكلمة و المحتوى،و هى الفنانة رجاء الجداوى لما اصيبت بالكورونا و انعزلت فى مستشفيات العزل الحكومى و قامت الدنيا و مقعدتش من تقطيع و تجريح و استنكار ان سيدة مصرية وجدت مكان تتعالج فيه فى مستشفى بلدها الحكومى و هاتك يا مقارنة ما بينها و بين طبيب شاب اتوفى شهيد و هو بيؤدى واجبه داخل مستشفي العزل .. هى كمان اتوفت لان المرض و الموت مبيفرقوش بين الناس. بس اللى بيفرق بين الناس و بعضها اخلاقهم نسينا قيم احترام السن و المرض و حرمة الموت وناس كتير استحلت عادى تنجرف ورا سيل التريند و مشيت ورا استغلال مرض الاستاذة رجاء الجداوى للسرسبة ناحية نقد منظومة الصحة و جهود الناس اللى شغالة فيها و نسيو ان قبل سرير الفنانة اللى اهانوها عشانه كان فى ١٧٠٠٠ سرير تقريبا تانى لمرضى الشعب و مكانش لهم وسايط و لا اتصالات محدش جاب سيرتهم ليه؟ ايه حقوقك فى انك تهين و توجه التعليقات المستفزة؟ مين اداك السلاح المرخص عشان تستحل بيه سيرتهم و توصل للخوض فى عرضهم؟ ووصلنا لان الفنانين و المشاهير قرروا يدافعوا عن حريتهم و كرامتهم و حقوقهم المسلوبة اللى طالت حتى أطفالهم و احنا مسكتناش لا و على ليڤل القوة الخارقة بتاعتنا في “الذبح” وبنهاجمهم!! عارفة ان فى ناس هتقولى هما مستفزين و بينزلو صور تخدش الحياء و هما اللى عارضين حياتهم على المشاع ارد على جنابك و اقولك مكسروش قانون و لا أتوا بجديد، نجوم الزمن الجميل و اللى لسة بنحبهم و نحترمهم كانوا بيطلعوا على أغلفة المجلات بالمايوهات و كان عادى و مقبول و مع ذلك موصلوش لهذا الوابل من القتل المعنوى غير الرحيم و اقولك كمان ان السوشيال ميديا بتوفر لك خاصية البلوك و الميوت لما يبقوا مش عاجبينك اقفل عليهم واستمتع بصفحات خالية من العرى و التحريض على الفجور بدل ما تبقى منتفخة بأقذع الالفاظ و التهديد لغيرك و الوعيد اللى مَش من حقك عايز تكون مثال للفضيلة، حقك المطلق بس و انت بتاخد حقك متجيش على حق غيرك بالتقطيع فى الناس. مفتكرناش و احنا بنقطع و نسلخ البنى ادميين عموما و المشاهير خصوصا كلمة “عيب” او قيمة “حرام” اختار اللى تعجبك من اي كلمة فيهم و خليها تعدى على الكيبورد قبل ما تهاجم او تحدف دبش مفيش انسان سوى ابدا حابب يكون مؤذى و لو باللفظ و الكلمة، احنا مسؤولين امام الله عن كل كلمة بتطلع مننا تجرح او تهين. مهما كنّا شايفين اننا هنعدى بيها و بالكلام القاسي و الاهانة من الحساب فى الدنيا فأكيد مش هنعدى بيها ادام الحكم العدل فى الدنيا قبل الآخرة.
ندخل بقى على ليڤل التنين فى الانجراف اللى بيوصل للانحراف فى الفكر و يضيع العباد و البلاد كل يوم و التانى يتقسم التريند ما بين مؤيد و معارض لنظام او شخص او حكومة او جيش!! و هنا فى مصر المعركة دى اصبحت حامية الوطيس جدا نظرا لحجم الاستقطاب الرهيب الحاصل من قبل نهاية عهد مبارك و دخول المجتمع المصرى فى عدد كبير من الأزمات و الصدمات و اللطمات و الثورات و الإنجازات و التحديات و كمان حروب و صراعات مع قوى دولية و إقليمية بتهدد أمنها القومى. و بقينا نشوف الحملات الممولة و المننهجة لاحتلال السوشيال ميديا و استغلال ناسها لحرب مصر . اسفة انى استعمل الالفاظ القاسية دى لكن معنديش استعداد أذوق الحقيقة للاسف، دى الحقايق اللى يسعدنى اعربها و اكشف عورتها و عارفة انى بعرض نفسي لوابل الهجوم و التطاول و ممكن كمان قفل حسابي تأديبا لكلامى اللى مَش هيعجب اللى بفضحهم او بيتعرض لمجد أخرين الزائف هنا على الافتراضى بس عادى لا هى اول مرة و لا هتكون الاخيرة. و يشرفنى جدا اكون بلسوع الملعوب فى ولاءهم و اعرف الدنيا المشكوك فى انتماءاتهم لأغلى بلاد الدنيا. عايش معانا ناس مسلطة نفسها علينا و على كل خطوة بتخطيها البلد و كانهم ماسكين على البلد ذلة بعيشتهم فيها؛ اشي نقد و تحقير و اشي إسفاف و إبراز للعيوب و كأنهم متعينين فى “هيئة الجلد بالمتلوف و الامر بالمنكر” و تظهر وراهم التريندات اللى تبرز الصور المسيئة للبلد و تبروزها اكتر بالشتيمة للبلد و الاتهامات بالفساد و يا حبذا لو الدعوة للثورة و الغضب على البلد اللى حالها مايل . و يظهر فريق تانى يا عينى فاكر انه بيدافع عن بلده و كيانه و امانه اللى مَش عايزه يتهدد او شايف ان بلده محتاجة تاخد نفسها من الثورات و تعيش فى هدوء عشان تقدر تقف على رجليها او مستوعب ان مصر حواليها دول انهارت و تم احتلالها بفضل دعوات شبيهة، و يا عينى الفريق دا مَش عايز بلده تضيع زى اللى ضاعوا فيدخل يدافع عنها و يساهم بدون ما يدرى فى ارتفاع اسهم التريند اللى هما ضده اصلا و تدور معارك ضارية بين الفريقين يتخللها الشتايم و العويل و التهويل و المعجنة دى كلها بتحصل و احنا جواها …
اللى بيستفيد من ورا كل المعارك دى اللى حابب مصر تفضل فريقين و بيستغل اباطرة السوشيال ميديا عشان ينشر عنها السيء سواء كان بينشر كوبرى وقع و لا ازمة تحويش مية نتيجة إعصار و لا اي كارثة طبيعية ولا يبشع فى تصريح لمسؤول و لا ينتقد وزير فى وسط ازمة و لا يضخم حوادث تحرش عشان يوصم بيها المجتمع كله و هوبا تولفق معاه فى خسارة السياحة و تشويه صورة الشارع فى مصر و هوبا تكتب المواقع برة و جوا و تتكلم وكالات الأنباء و الفضائيات عن مساويء ادارةً مصر و طبعا يا سلام على النجاح الباهر لما دا يتنقل لدراسات جدوى المشروعات و يحصل تردد فى رؤوس الأموال الموجهة لتمويل الاستثمار و كمان ترد البورصة بالانهيار و كدة تبقى اركان الانتصار فى موقعة السوشيال ميديا. متستغربش من اللى بقوله هديك مثل صغير يثبت كلامى “طلعت إشاعة ان مصر بتروى الخضار والفاكهة بمية المجارى، منعت معظم الدول الناطقة بالعربية استيراد المزروعات من مصر و طبعا اتأثر جدا اقتصادنا الزراعى و خسرنا اسواق التصدير و تدفقات العملة الاجنبية و فى جلسة من الرئيس السيسي و احد رؤساء الدول العربية الشقيقة ساله ليه منعتوا استيراد الخضار و الفاكهة من مصر ؟ الرد كان صادم جدا… عرفنا من الاعلام و مواقع السوشيال ميديا بتاعكو انكو بتستعملو مية المجارى لرى الخضار و الفاكهة!! .” معلش كنت مضطرة ادلل علي كلامى بالصدمة عشان المصداقية. متخيلين صعوبة الموقف لما ريس دولة بحجم مصر يسمع دا من رئيس دولة اخرى ؟ طب متخيلين حجم المجهود اللى اتبذل عشان استعادة الاسواق دى، سواء من الريس و لا البعثات الدبلوماسية و لا الناس اللى بتشتغل فى القطاع الزراعى و التجارى و التصديرى؟ و كل دا عشان اقولك بس متستهترش بالكلمة و لا تستهين بالصورة اللى انت متخيل انها على حساب شخصى بيعبر عن حرية الراي لصاحبه لا يا فندم حضرتك عينت نفسك بنفسك عند عدوك ببلاش كدة البلد اللى انت متصور انك بتساهم فى تحسين أوضاعها بالنقد “الهدام”على مواقع التواصل عدوك اخد كلامك و وظفه لصالحه الشخصى و ساهم بيه فى خطته الممنهجة لتدمير جبهتك الداخلية سواء بتدمير معنوياتك او تعطيل نمو اقتصادك الموضوع مَش اعتباطى بدليل ان فى ناس كتير بتحاول تنشر بوستات استغاثات انسانية و محدش بيسمعها الا بالصدفة و ناس تانية تحط بوست بإهانة الجيش و لا الدولة و لا حتى المصريين و تلاقيه فرقع و حقق المطلوب منه بكل سهولة و يسر (انتشر و اتوغل و اتعمله شير و ريتويت و كتبت الصحابة و دخل الفريقين و أتنصب العزاء و للاسف اللى جثته اتشرحت هى البلد) و كل دا بيتم و احنا جواها … واحد هيرد عليا و يقولى عايزنا نخرس مننطقش؟ ردى هيكون عليه: لا بالعكس اتكلم و اتكلم و اعترض و ندد و اشجب و املا الدنيا رفض لكن الاول اعمل اللى عليك شارك فى الاختيار و انزل استعمل كافة حقوقك السياسية فى التعبير. انزل شارك مجتمعك و هو بينتخب سواء جوا النقابة، النادى، مجلس النواب او رئيس الجمهورية. لكن دا مَش بيحصل بالنسب المتوازنة مع حجم الاعتراض و التحريض. كل دول مَش عاجبينك انزل شوف حزب سياسي انضم له و متقلقش مصر فيها ١٠٦ حزب تقريبا مسجلين اكيد هتلاقى فيهم واحد يعبر عن انتماءاتك الشخصية و يكفل لك حرية التعبير جوا مقراته و مَش بس كدة هتكون مؤهل بشكل اكبر للمشاركة الفعالة فى أنشطة سياسية حقيقية و من حقك قانونا تترشج للمجالس النيابية “معلش دستوريا و علميا و ديموقراطيا من حق الأحزاب السعى للسلطة و اقولك مفاجاتى هى المنصة الشرعية و المفرخة الشرعية لممارسة النشاط السياسي” بدلا من الجعجعة الفاضية و الانجرار ورا تريندات و هشتاجات متعرفش بتدار من اي عاصمة من عواصم أعداءك. حرقاك السياسة اوى و شايف ان تحليلاتك عبقرية و عندك المقدرة على التاثير فى مجريات الأحداث يبقى مش بالبوستات يا رئيس جمهورية المفهومية اللى محدش واخد باله من مخرجات ارهاصاته الفخرية. و كلمة فى ودنك: من مقومات التنمية السياسية لاي مجتمع طبقا لعلم الاجتماع السياسي هى المشاركة السياسية الفعالة و بتقاس بحجم الإقبال فى الفعاليات اللى من النوع دا بداية من الاهتمام بالشان العام وصولا لحضور الندوات و التصويت فى الانتخابات و الإقبال على تصدر المشهد السياسي و نسبة التمثيل فى البرلمان لكن للاسف اباطرة السوشيال ميديا مَش هيسيبو الكنبة و لا شاحن الموبايل عشان يعبروا عن آراءهم في أماكنها الصحيحة. هتقولى النظام هيحبسنى و الأحزاب مخنوقة و مفيش احزاب لها قاعدة شعبية هقولك لما النظام بيقبض على المعارضين، سايبك تشتم و تتسافل عليه و على البلد ليه مقبضش عليك مع انك تتجاب فى ساعات عن طريق السوشيال ميديا و مباحث الانترنت؟ لكن متروحش لحزب يتثبت عليه تمويل من الخارج و يتبنى اچندات تخدم عدوك و تقول الحكومة بتضيقها على المعارضة!!
اما قصة ان الأحزاب مخنوقة من الامن فدا ادعاء خالى من التجربة و حتى يتنافى مع المنطق. ببساطة البلد اللى فيها العدد المهول دا من الأحزاب اكيد مَش خانقاها!! طيب الأحزاب ملهاش قاعدة شعبية ارد عليك و اقولك هيبقى لها قاعدة شعبية منين اذا كنت حضرتك قاعد على الكنبة و مَش عايز تشارك سياسيا سواء بالانضمام او حتى انك تاخد فكرة. معظم المناضلين على المواقع ما زالوا اسرى الصورة الذهنية لفترات التضييق السياسي الطويلة اللى كانت حاصلة قبل كدة. لكن النشاط السياسي مش ممنوع بس محتاج ترشيد من حضرتك بانك تعرف ازاى تُمارس السياسة من خلال قنواتها الصحيحة “دا لو بنتكلم عن الديموقراطية بجد بقى” كل دا و احنا جواها …
اخيرا عايزة اقول مواقع التواصل الاجتماعى ساهمت بايدينا فى انهيار قيم و سقوط دول و احنا جواها و اتحولت بإنجرافنا وراها ل”مواقع التسافل الاجتماعى” احنا الشعب الوحيد فى المنطقة صاحب التجربة الناجية من مخططات الدمار لمقدراته و دا لازم ينعكس على سلوكنا جوا السوشيال ميديا و نكون فاعلين براها “جوا بلدنا فى الواقع”. عايزين ننتقد نخلى أسلوبنا راقى عشان يعبر عن توازن و اعتدال الشخصية المصرية اللى طول عمرها رمانة ميزان فى المنطقة و الناطقة بلسان الشرق الأوسط كله و القاطرة لكل الدول العربية و الشخصية دى هى اللى نقلت العلم و الثقافة و التنوير للدنيا. مصر تستاهل نكون ابطال نضال التغيير برا الافتراضى و تستحق مننا نشارك بايجابية فى فعاليتها المجتمعية و السياسية و نرفض نكون مجرد تروس فى آلات مواقع التواصل الاجتماعى اللى زراير التحكم فيها جاي من برا مصر احنا المصريين نستحق نكون شعب يحتذى بيه مش شعب ينجرف ورا مؤامرات الخيانة بقلم شيرين هلال