كتب : محمود الطويل
بعد تحول الأزمة السورية إلى صراع مسلح تدفق آلاف المقاتلين الأجانب إلى الأرض السورية للقتال ضمن صفوف المعارضة السورية
ضد قوات النظام، حيث بات هذا الصراع جبهة جديدة من جبهات القتال التي يقاتل فيها “الجهاديون” حول العالم من أفغانستان إلى
الفليبين مرورا بالصحراء الكبرى في القارة الأفريقية
وبعد استعادة القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا كل المناطق التي كانت المعارضة تسيطر عليها في جنوبي وغربي البلاد
في أعقاب التدخل الروسي العسكري المباشر عام
2015 لم يبق أمام المعارضة سوى محافظة أدلب شمال غربي البلاد الى جانب مساحات من محافظتي حماه وحلب المجاورتين
لإدلب. وأصحبت المنطقة الوجهة المقبلة للقتال بين القوات الحكومية والمعارضة.
وتشير تصريحات المسؤولين الروس والسوريين إلى فشل المساعي التركية في تجنيب المنطقة المعركة الوشيكة، التي تقول
روسيا وإيران إنها ضرورية للقضاء على الجماعات المتطرفة المنتشرة فيها.
وتتركز الأنظار في الوقت الراهن على المقاتلين الأجانب المنتشرين في المنطقة الذين لا مفر أمامهم سوى القتال حتى النهاية
بعد أن سدت في وجوههم سبل الخروج من إدلب إلى أي منطقة أخرى وبات هناك اجماع على أن أفضل سبيل لمواجهة خطر هؤلاء
المقاتلين المنحدرين من مختلف أصقاع الكون مواجهتهم في ساحة المعركة والقضاء عليهم في سوريا.
وكان لافتا أن تركيا قد صنفت هيئة تحرير الشام ( النصرة سابقا) في خانة المنظمات الإرهابية مؤخرا، وهي نفس الجماعة التي كانت
ترافق القوات التركية أثناء إقامة تركيا لنقاط مراقبتها العسكرية في المناطق التي
تسيطر عليها المعارضة في إدلب وحماه وحلب قبل أشهر قليلة.
ويُفهم من الخطوة التركية أنها بمثابة رفع أي غطاء عن الجماعة التي أعلن زعيمها
قبل أسابيع قليلة عن عدم وجود قيمة للضمانات التركية
بتجنيب المنطقة المعركة الوشيكة، في أعقاب فشل المساعي التركية في
حمل “تحرير الشام” على حلها نفسها أملا في سحب حجة وجود
“جماعات إرهابية” في المنطقة من أيدي الروس والإيرانين.
قاتل الجهاديون الأجانب في صفوف مختلف الجماعات المعارضة لكن الغالبية العظمى
منهم كانت تنضوي في صفوف فرع القاعدة في سوري
ا قبل الإعلان عن إقامة “الدولة الإسلامية” وانفصالها عن فرع القاعدة السوري.
وعلى الرغم من وجود عدد من المقاتلين الأجانب في بعض التنظيمات
السورية السلفية مثل حركة أحرار الشام في بدايات العمل العسكري
“الجهادي” في سوريا ، لكن وجود هؤلاء بات حكراً على “تحرير الشام” وعلى
“الدولة الإسلامية” التي توشك على فقدان آخر جيب لها على الحدود بين سوريا والعراق.
كما حافظ بعض الجماعات الجهادية على وجود مستقل عن الجماعات الأخرى
رغم خوضه المعارك إلى جانب قوات المعارضة
ضد القوات الحكومية والتزم الحياد في القتال بين الجماعات المعارضة المختلفة.
قد لا يجد المقاتلون العرب في صفوف هيئة تحرير الشام الكثير من الصعوبات
في الاندماج في البيئة السورية بعد هذه السنوات
العديدة التي أمضوها في سوريا وزواج العديد منهم من سوريات، لكن هناك جماعات
من شبه المستحيل أن يتمكن أفرادها من ذلك بسبب
عوامل عديدة مثل اللغة والشكل مثل أولئك المتحدرين من أصول من الإيغور والشيشان والأوزبك.