لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى خلال دراستي في كلية كمبرلي الملكية، في إنجلترا، أقدم وأكبر كليات الأركان في العالم، التي يتُخرّج فيها ضباط الأركان حرب، كان هناك في نفس المدينة كلية سانت هيريست، التي تعادل الكلية الحربية في مصر، حيث يتخرج منها الضباط الإنجليز، بعد إتمام الدراسة لأربع سنوات، ليصبحوا ضباطاً في الجيش البريطاني. ويوجد قسم آخر داخل كلية سانت هيريست، يتخرج منه ضباط للخدمة في الجيش البريطاني لمدة سبع سنوات، فقط، ويُطلق عليهم في إنجلترا اسم “Short Service Period”، بمعنى “فترة خدمة وجيزة”، هؤلاء الضباط، كانت الشركات والمصانع، في إنجلترا، تتهافت عليهم بعد انتهاء مدة خدمتهم الوجيزة في الجيش، رغم أنهم خريجي المدارس الثانوية، ولم يتلقوا سوى ستة أشهر من الدراسة في سانت هيرست، إلا أن خدمتهم في الجيش أكسبتهم مهارات عديدة. في الأسبوع الماضي، دعاني السيد اللواء بهاء عبد الحميد، مدير كلية الضباط الاحتياط المصرية، في مدينة فايد، وهي الكلية التي يلتحق بها المجندين المصريين، من حاملي الشهادات الجامعية العليا، مثل المهندسين والأطباء والمحاسبين، وغيرهم، ليتم تأهيلهم ليصبحوا ضباط احتياط في القوات المسلحة المصرية. حيث يتلقى هؤلاء الشباب تدريبًا مكثفاً لعدة شهور، يتحولون فيها من الحياة المدنية إلى العسكرية. فمثلًا، يتخرج الجندي المهندس من كلية الضباط الاحتياط ليصبح قائد فصيلة دبابات من طراز (M1A1) الأمريكية، أو قائد فصيلة في الدفاع الجوي على أحدث بطاريات الصواريخ. ولقد زرت هذه الكلية قبل سنوات، لكني لاحظت هذه المرة تطوراً كبيراً، فقد وجدت صرحاً علمياً، عالمياً، يستقبل شباب مصر المتعلم في بيئة حديثة ومتطورة، حيث الإقامة والمبيت والطعام على أعلى مستوى، لدرجة تضاهي الفنادق ذات الأربع نجوم. كما تضم الكلية صالة رياضية متكاملة، ومكتبة تكنولوجية متطورة متصلة بمكتبات عالمية، بالإضافة إلى حمامات سباحة وصالات رياضية مغطاة. يستيقظ الطلاب في الخامسة صباحاً لبدء التدريبات الرياضية، ومنها طوابير الضاحية في صحراء فايد، ليصل مستوى الطالب بها، في غضون أشهر قليلة، لنفس مستوى طلاب الكلية الحربية. وبعدما انتهيت من محاضرتي عن محددات الأمن القومي في قاعة المحاضرات الكبرى، أمام 1500 طالب، بحضور أعضاء هيئة التدريس، والتي كانت السبب الرئيسي للزيارة، رافقني اللواء بهاء عبد الحميد في جولة داخل الكلية، حيث شاهدت المعامل الدراسية الحديثة، والمستشفى المتطور، فشعرت بالفخر والاطمئنان على مستقبل الجيش المصري، الذي يضم بين صفوفه ضباط احتياط بهذا المستوى المتميز. وهو الإحساس الذي استمر في طريق عودتي للقاهرة، وشعرت بارتفاع معنوياتي، لثقتي بأن مصر تمتلك جيشاً عظيماً يحمي أمنها واستقرارها، وأن مصنع الرجال الجديد في فايد لا يزال يعمل بكفاءة عالية، ليخرج أجيالاً قادرة على الدفاع عن الوطن.