تحدثنا في مقال سابق عن تجربة ماهتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابقة، الذي قال أن التنمية البشرية لأي مجتمع اساسها الصحة والتعليم، وأن أي مجتمع بدون صحة ولا تعليم هو مجتمع فاشل، وبالتالي دولة فاشلة ومن هذا المنطلق وبعد بوصولي إلى الأقصر ركزت على العملية التعليمية والصحية لكي تكون أساس نهوض محافظة الأقصر في الفترة القادمة طبقا لتصويري وفكري فان العملية التعليمية في مصر تقوم على ثلاث اضلاع الأول هو المدرسة، وكان ذلك هو محور مقالي في الأسبوع الماضي، حيث تحدثت فقلت عن التطوير الذي تم في مدارس الأقصر بالكامل. أما المحور الثاني فهو محور المدرس، وهذا ما سأتناوله في مقالة اليوم، أما المحور الثالث فهو محور المناهج التعليمية، وهي مسؤولية وزارة التربية والتعليم، وأعتقد أنها يجب أن تقوم كل فترة بإجراء التعديلات المناسبة في تطوير المناهج الدراسية التي تتمشى مع مطالب العصر واحتياجاته، والتطور التكنولوجي الذي نعيشه الآن، الذي يبدأ من المناهج وتصل حتى كتاب الوزارة مع الاهتمام بمستجدات العصر الحديث من استخدام تكنولوجيا المعلومات فلم يعد هناك داعي للكتب الورقية، ولكن يتم ذلك من خلال إرسال موضوعات المناهج على اللاب توب. الذي تصرفه وزارة التربية والتعليم حاليا لكل طالب، بدلا من طبع الكتب الورقية كل عام والتي تتكلف ملايين الجنيهات التي يتم التعويض عنها بشراء اللاب توب للطلبة. ونعود للمدرس، الضلع الثاني، في العلمية التعليمية وأتذكر في أول أسبوع من وصولي الأقصر. وخلال مروري على أحد المدارس، وجدت مدرس يقف في الفصل ويرتدي الجلباب، وسألته ما هذا فكان رده هذا هو اللباس الشعبي لأهل الأقصر، لكنى رفضت ذلك تماما، هذا الجلباب مكانه المنزل أو في الدوار أو في البلد، ولكن المدرس يجب أن يكون له زي مناسب وتحترمه الطلبة. ولقد بدأت بعمل دورات للمدرسين لمدة 4-6 أسابيع، حيث أنشأت مركز لتدريب المدرسين في محافظة الأقصر، كان في الأصل مكان لمبيت المدرسين القادمين للمراقبة امتحانات الثانوية العامة، وبحسبة بسيطة أن صيانة هذا مبني كل عام وشراء مراتب جديدة، وملايات وصيانة لدورات المياه. وجدت أنني لو تمكنت من تحقيق اقامتهم في فنادق ثلاث نجوم في المدينة. باستخدام أموال تطوير وصيانة هذا المبنى الذي لا يستخدم الا في الامتحانات كل عام مع امكانية مساهمة، المحافظة في التكلفة للأرقام في الفنادق للمدرسيين القادمين من محافظات مجاورة بالطبع سيكون افضل من حيث أماكن الإقامة والمعيشة على أعلى مستوى وان يتم استغلال هذا المبنى الغير مستخدم طوال العام ليكون مركز تدريب المدرسين لمحافظة الأقصر بالكامل. وبالفعل، تم عمل منهج بدورة تدريبية لكل مدرسين الأقصر لتدريس الحاسبات الآلية لهم و أسلوب استخدام الداتا شو في العلمية التعليمية وتوضيح أساليب التعليم الحديثة، وفي نهاية التخرج تم توزيع هدايا لهم لابتوب هدية وإثنين بدلة بكافة المستلزمات من القمصان والكرافتات، كل ذلك، كانت مقدمة من رجل الأعمال المصري، معتز الألفي وبعدها توالت الدورات من بعد الدورة الأولى، تولى أحد فنادق المدينة مصاريف الدورات التالية، حتى تتخرج الدورات بصورة مشرفة وبدأنا نرى مدرس جديد أطلق عليه الطلبة في مدارس الأقصر مدرس النيولوك، وبدأ جميع المدرسين يتصارعوا لحضور هذه الدورات، حيث كان يتم عمل اختبارات لتقييمهم لحضور هذه الدورات للمدرسين المتميزين. وأصبح لمدرس الأقصر شخصية جديدة سواء في المظهر أو في استخدام اللابتوب للتدريب الطلبة، كذلك كنت أسعى لتغيير الامتحانات الشهرية التي تتم في المدارس، من خلال اللاب توب. لولا جاءت أحداث 25 يناير، حيث لم تكتمل التجربة، عموما أصبح لدينا معلم يستخدم اللاب توب خاصة، وأساليب التعليمية الحديثة خاصة انني أول من أدخل شبكة الإنترنت في المدارس رغم اعتراض الكثيرين أيامها، لكنني صممت وتغيرت شكل الحياة التعليمية في الأقصر. لتتمشى مع أساليب العصر الحديث، واتذكر أنه خلال مروري على أحد الفنادق العائمة الموجودة في الأقصر وعددها 284 فندق عائم يعمل بين الأقصر وأسوان، واتضح لي أن أطقم الميكانيكية الذي يعمل في هذه الفنادق العائمة حوالي من 5-6 فرد للمل فندق عائم، كلهم قادمين من الإسكندرية أو مدن القناة وما يكلف، وذلك من مشقة سفر وعدم توفير عمالة لأهالي الأقصر. لذلك توجهت لمدرسة الصنائع الثانوية بالأقصر وكانت بحالة لا يمكنها تنفيذ مهامها التعليمية حيث كانت المباني بحالة متهالكة، وطبقا لمبادرة مبارك كول كان بالمدرسة احدث بالمدرسة احدث المعدات الميكانيكية من الصناعة الألمانية وفي ايامها وكان يزورني أحد رجال الأعمال، وعرض تبرع للمحافظة فتسلمت منه شيك باثنين مليون جنيه كتبه وقعه لصالح جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، ومن خلال ثلاث أشهر قام جهاز الخدمة الوطنية بتطوير وصيانة المدرسة، وأصبح لدينا أحدث مدرسة صنائع في مصر، تم تطويرها على احدث الأساليب العلمية مدعومة بالمعدات من مشروع مبارك كول. وخلال ثلاث سنوات كانت هذه المدرسة تخرج كل عام 50 طالبا يعملون في مجال ميكانيكا الديزيل البحري لكي تعمل في الفنادق العامة، وخلال أربع سنوات نجحنا في تغطية مطالب. كل الفنيين العاملين في الفنادق العائمة من أبناء الأقصر، وبالطبع حقق ذلك استقرار لأهل الأقصر، كذلك تم الاهتمام بالرحلات الطلبة إلى القاهرة من خلال التعاون مع وزارة الشباب والرياضة، كما تم لأول مرة عمل دورات رياضية وفنية بين شباب مدارس الأقصر. وأقول أنني في عام 2010، ظهرت النواحي الفنية والثقافية والرياضية غير التعليمية بين شباب مدارس الأقصر، وبدأنا في التنافس مع باقي مدارس الجمهورية في هذه المسابقات، ويكفي أننا حققنا مراكز متقدمة خلال هذه المسابقات على مستوى الجمهورية، وهي التي لم تكن تشارك فيها مدارس الأقصر من قبل. وهكذا كانت البداية في تطوير مباني الأقصر ثم المدارس، وأعتقد أن كان حصول أبناء الأقصر على المركز الثاني في امتحانات الثانوية العامة. هو أ أكبر نتيجة للتطوير الذي حدث في هذه الفترة.