د.وسيم السيسى متابعة عادل شلبى نحن ذوى الاحتياجات الخاصة أو ذوى الإعاقة أو ذوى الهمم قد باركتنا السماء لأننا وُلدنا فى مصر. كان أفلاطون فى جمهوريته يحتم على استبعادنا حتى تكون يوتوبيا أو المدينة الفاضلة، كما كان الرومان يتركوننا فى الصحراء أو يُغرقوننا فى الماء حتى يتخلصوا منّا، بينما كنا فى مصر القديمة ننعم بكل ما ينعم به الإنسان السليم. هو ذا الحكيم أمنموبى فى برديته المحفوظة فى المتحف البريطانى ينصح ويحذر: لا تسخر من الأعمى، ولا تعترض الأعرج، ولا تؤذِ صاحب الأذن التى لا تسمع جيدًا «الأَصَمّ»، ولا يعلو صوتك بالصراخ إذا أخطأ واحد منهم، إياك أن تهزأ بمَن هو بين يدى الله «المجنون» لأنه كان فى إمكان الإله أن تكون مثله أو أن يكون مثلك، أخيرًا إياك أن تسخر من القزم، فهو الذى يبعث السرور إلى قلوب الناس، كما يقوم بالأعمال الدقيقة التى لا يقدر عليها الآخرون، كالمشغولات الذهبية وصناعة المنسوجات. كنا نشغل أرفع المناصب، ولم تكن الإعاقة سببًا فى استبعادنا. كان سنب «الأسرة الخامسة» قزمًا، وتزوج أميرة جميلة، تضع يدها فى حنان على كتفه، وكان يشغل منصب وزير المالية، وكان توت عنخ آمون يعانى ضعفًا فى ساقيه، وكانت حتشبسوت تعانى من ستة أصابع فى كل يد من يديها، لهذا كانت دائمًا تلبس القفاز أى الجوانتى، وكان سيبتاح، أحد أحفاد رمسيس الثانى، مصابًا بشلل الأطفال، وحكم لمدة سبع سنوات. كان أجدادنا العظماء، أصحاب الحضارة التى انبثقت عنها باقى الحضارات لا نستثنى منها واحدة، يحاولون التخفيف عنّا بالعلاج كما فى بردية إيبرز، تجدون علاج شلل الأطفال بالموسيقى والرقص كعلاج طبيعى للعضلات الضعيفة، كما كانوا يؤكدون فى محاكمة الروح: كنت عينًا للأعمى، كنت يدًا للمشلول، كنت رِجلًا للكسيح، كما كانوا عند التحنيط لا يفرقون بين السليم أو ذوى الإعاقة، بل كانوا يضعون ساقًا خشبية، أو عيونًا زجاجية حتى يكون الجسد كاملًا عند عودة الروح، كما كانوا يجدون وظائف أو أعمالًا تتناسب مع إعاقتنا كالعزف على الهارب للكفيف. كانت المدارس السحرية فى مصر خمسًا، منها معبد إيزيس «دير المحرق فى أسيوط الآن»، كانت هذه المدرسة السحرية متخصصة فى شفاء الأبرص، وإقامة الموتى «رمسيس الثالث»، حتى جاءت أميرة سورية «بترشيد» مصابة بالبرص، شُفيت فى هذه المدرسة السحرية. جاء السيد المسيح يشفى الأبرص ويُحيى الموتى، وسمح لنازفة الدم بأن تلمسه حتى تبرأ، وأنتم كنتم تمنعون الوالدة من دخول الكنيسة لأنها نجسة أربعين يومًا إذا كان المولود ذكرًا أو ثمانين يومًا إذا كانت المولودة أنثى! «العهد القديم». أيضًا فى القرآن الكريم فى سورة عبس توجيه إلهى باحترامنا نحن ذوى الهمم. الحضارة هى بالإنجليزية Civilisation وهى من كلمة Civility، ومعناها الأدب ورقة التعامل مع الآخر، وأجدادنا وأجدادكم كانوا فى منتهى الأدب والرقة معنا، بل مع النبات والحيوان والإنسان: لم أكن سببًا فى دموع إنسان أو شقاء حيوان أو عذاب نبات بأن نسيت أن أسقيه ماء. خلاصة الخلاصة.. حضارة الأمم تُقاس بمعاملة ذوى الهمم والأقليات.. كل عيد ٣ ديسمبر لذوى الهمم ونحن وأنتم بخير.