لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى هذا الأسبوع حققت مصر نجاحًا جديدًا عندما نجحت جهود الوساطة في التوصل إلى وقف إطلاق النار بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، في حرب غزة الخامسة. حيث أكدت مصر بذلها جهودها للعمل على الإفراج عن الأسير خليل العواودة، ونقله للعلاج. وكذلك العمل على الإفراج عن الأسير بسام السعدي. وأكد البيان الاسرائيلي على شكر مصر على جهودها لتحقيق ذلك الاتفاق، كما وجه رئيس الوزراء الاسرائيلي شكره الخاص للرئيس “السيسي” على جهوده في وقف إطلاق النار، وأن مصر أصبحت أساس الاستقرار في المنطقة. وجاء شكر الرئيس الأمريكي “جو بايدن” لمصر للمرة الثانية، وبعد أن كانت المرة الأولى في نجاحها في معركة غزة الرابعة. كذلك ثمن الرئيس الفلسطيني محمود أبو مازن جهود مصر. وكانت اسرائيل قد قامت يوم الجمعة عصرًا، الأسبوع الماضي، بتصفية تيسير الجعبري، قائد سرايا القدس في حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة. حيث قامت الطائرات الاسرائيلية بمهاجمة شقته في برج فلسطين في غزة، حيث قُتِل 10 أفراد منهم 7 من مرافقيه بالجهاد الإسلامي من سرايا القدس، وطفلة عمرها خمس سنوات. وعلى الفور جاء رد حركة الجهاد الإسلامي بإطلاق الصواريخ في اتجاه اسرائيل والتي بلغت 120 صاروخ في اليوم الأول، وجاء الرد الاسرائيلي باعتقال 20 ناشطًا من الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية. كما انطلقت صفارات الإنذار في تل أبيب، بعد أن وصلت صواريخ حركة الجهاد على مشارف المدينة. وطبقًا لبيان الجيش الاسرائيلي في اليوم الأول، نفذت اسرائيل هجومها بعدد 30 غارة على أكثر من 40 هدف داخل قطاع غزة. وتقول اسرائيل أن القبة الحديدية اعترضت أكثر من 60 صاروخ، وأن هناك 30 صاروخ سقطوا داخل أراضي قطاع غزة في اليوم الأول. وعلى الفور بدأت مصر جهودها بتواصلها مع الجانب الاسرائيلي والفلسطيني وأطراف أخرى، بهدف احتواء التصعيد، والتهدئة. كذلك طلبت مصر إيقاف استهداف قادة المقاومة، وكان رد اسرائيل أنها لن توقف أعمال القتال إلا بعد تحقيق الأهداف من العملية. ويأتي السؤال التحليلي، لماذا اختارت اسرائيل هذا التوقيت بالذات لبدء تنفيذ هذا التصعيد وهذه العمليات، خاصةً أنها هي التي اختارت التوقيت. وأعتقد أن هناك سببان رئيسيان، الأول سبب سياسي وهو أن الانتخابات الاسرائيلية القادمة بعد ثلاثة أشهر من الآن، ويريد “لابيد” رئيس الوزراء الاسرائيلي، أن يدخل الانتخابات، والخوف لدى الناخب الاسرائيلي من التهديد الفلسطيني من عناصر المقاومة، وأنه يحتاج إلى حكومة قوية قادرة على تأمينه، وهو نفس أسلوب “نتنياهو” من قبل عند دخوله أي انتخابات قادمة في الماضي. فكان يختلق نزاع عسكري مع المقاومة الفلسطينية. أما السبب الثاني وهو الهدف العسكري، ومنه أن اسرائيل فور تجميعها لأي معلومات جديدة عن عناصر المقاومة الفلسطينية؛ مثل أماكن تواجد القادة، وأماكن التسليح، وورش التصنيع؛ خاصةً أن معظم الصواريخ التي تصل للمقاومة من إيران غالبًا ما تكون مفككة، ويتم تجميعها في ورش صغيرة في غزة. فإنها تنفذ وتقوم بمثل هذه العمليات، للقضاء على القادة وأماكن التسليح والورش. وهذا ما حدث عند تصفية تيسير الجعبري، وبتنفيذ 30 غارة على أكثر من 40 هدف للمقاومة. والسبب العسكري الثاني، هو اختبار تطوير القبة الحديدية الاسرائيلية للتصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، بعد أدائها الغير ناجح في معركة غزة الرابعة، حتى أن أمريكا قامت بدعم اسرائيل بمبلغ 3 مليار دولار لتطوير نظام القبة الحديدية. وكلنا نذكر من زيارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” لاسرائيل الشهر الماضي عند وصوله إلى مطار “بن جوريون”، قامت اسرائيل بعرض التطوير الذي حدث في صواريخ القبة الحديدية، وبالطبع كان التطوير على الورق والحاسبات فقط؛ لذلك كانت هذه الاشتباكات فرصة للاختبار العملي لهذا التطوير الذي تم خلال العام الماضي. وفي هذه المرة، سوف يتم حساب عدد الصواريخ الفلسطينية التي تم اعتراضها، وتدميرها من حيث المدى، والارتفاعات، وسرعة الإنذار. ومن هنا يتم تقرير هل هناك ما زال نقاط ضعف لتلافيها في التطوير القادم بالنسبة لأطقم تطوير نظام القبة الحديدية في الفترة القادمة. أما السبب العسكري الثالث، فهو قيام المقاومة في غزة بتطوير نظام مترو أنفاق غزة، وهي الخنادق التي قامت المقاومة في الغزو السابق في العام الماضي بإنشائها لإخفاء الصواريخ عن نيران الطائرات الاسرائيلية. ونجحت اسرائيل في تدمير جزء منها في حرب غزة الرابعة. لكن المقاومة قامت بتطويرها في الفترة الأخيرة، وأعلنت اسرائيل ذلك؛ ومن هنا كانت فرصة في هذه الحرب الجديدة أن تستكمل اسرائيل تدمير هذه الأنفاق الجديدة في قطاع غزة. ويأتي السبب الرابع هو أن تستهلك المقاومة الفلسطينية صواريخها في اتجاه اسرائيل، بحيث يقل المخزون المتبقي لدى عناصر المقاومة. كذلك تهدف هذه الحرب في أن تتعرف اسرائيل على أي تطوير حدث في نظام الصواريخ الفلسطينية، التي ممكن أن تكون حدثت في الفترة السابقة، بدلًا من أن تفاجأ بها في أي قتال قادم. وبعد أن انتهت هذه المعركة الخامسة، وبتحليل الأحداث؛ نجد أن كلا الطرفين الاسرائيلي والمقاومة، حقق نجاحًا متوازيًا، حيث نجح رئيس الوزراء الاسرائيلي “لبيد” بإشعار الناخب الاسرائيلي بأن اسرائيل مهددة دائمًا من المقاومة الفلسطينية، وأنها تحتاج إلى حكومة قوية. وعليك أيها الناخب الاسرائيلي أن تعطي صوتك لنا. كذلك نجح خبراء وعلماء نظام القبة الحديدية الاسرائيلي في اختبارات عملية على أرض المعركة لمعرفة هل حققت اعمال التطوير أهدافها، التي دفعت أمريكا ثمنها بمقدار 3 مليار دولار، وهل ما زالت هناك بعض المشاكل تحتاج للتطوير. ويكفي مقولة “جو بايدن” وهو يهنئ رئيس الوزراء الاسرائيلي، حيث أشار إلى اشتراك أمريكا في تطوير القبة الحديدية التي كان لها دور فعال في تلك الحرب. وعلى الجانب الفلسطيني نجحت المقاومة في أن تزرع الرعب في قلب المواطن الاسرائيلي، بعد أن وصلت صواريخها إلى تل أبيب وعسقلان، وأن تنجح في إجبار اسرائيل على ايقاف الطيران فوق مطار “بن جوريون”. وأصبحت المقاومة الآن تقف بالند أمام الآلة العسكرية الاسرائيلية. كل ذلك تم دون تدخل حماس وباقي عناصر المقاومة الفلسطينية. وعلى الجانب المصري فلقد أثبتت القيادة المصرية أن مصر هي صمام الامن في منطقة الشرق الاوسط. وأن بسياستها الخارجية، حققت توازن بين جميع الأطراف في المنطقة. وحققت القدرة على إقناع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، والتعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق ذلك الهدف. وهكذا ستظل مصر دائمًا هي محور الامن والاستقرار في الشرق الاوسط، وليس بالكلمات ولكن بما حققته على أرض الواقع.