لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى فجأة اتجهت أنظار، وحديث، العالم كله، إلى ميناء أوديسا الأوكراني، باعتباره الحل لمشكلة الأمن الغذائي، هذا الميناء الذي يعد أكبر ميناء بحري أوكراني، وأكبر موانئ البحر الأسود، الذي تصل قدرته التصديرية إلى 40 مليون طن سنوياً، فضلاً عن اتصاله المباشر بخطوط السكك الحديدية الأوكرانية. إذ وجدت أوكرانيا نفسها تمتلك 22 مليون طن من الحبوب، التي لا تستطيع تصديرها، نتيجة لظروف الحرب الجارية، بينما موسم حصاد المحصول الأوكراني الجديد قد بدأ وليس لديها صوامع للتخزين، وأصبحت أحد مشاكل أوكرانيا هو التخلص من كمية الغذاء المخزونة. ووجدت روسيا نفسها مضطرة إلى تخفيف الحصار عن أوكرانيا، حتى لا تبدو أمام العالم بأنها المتسببة في زيادة معاناة الدول في أزمتها الغذائية، ومن هذا المنطلق، تم يوم الجمعة الماضي 22 يوليو، في إستانبول، عقد اتفاقية “الممر الآمن”، تحت رعاية الأمم المتحدة، وبوساطة تركية بين روسيا وأوكرانيا، والتي تمتد لمدة 120 يوم، قابلة للتجديد، وتتضمن الاتفاقية مروراً آمناً بين ميناء أوديسا، وميناءين أوكرانيين آخرين، على أن تُمنح أوكرانيا مدة عشرة أيام لتجهيز تلك الموانئ، لتبحر منها السفن المحملة بالحبوب الأوكرانية، في البحر الأسود إلى مضيق البوسفور في تركيا، لتنطلق للأسواق العالمية. ونص الاتفاق على إنشاء مركزاً في إستانبول لمراقبة جميع تحركات السفن، والتفتيش عليها، لضمان عدم تهريب أي أسلحة أو معدات عسكرية، وذلك من خلال مفتشين عن أربع أطراف، مع تعهد كل من روسيا وأوكرانيا على عدم مهاجمة السفن التي تحمل الحبوب خلال رحلتها البحرية. وخلال مرحلة التفاوض على الاتفاقية، بذلت الأمم المتحدة جهداً كبيراً في إقناع شركات التأمين بعدم فرض رسوم عالية، تنعكس طردياً على أسعار الغلال والحبوب، وهو ما وضحت آثاره، فور توقيع الاتفاقية، بانخفاض أسعار الحبوب في بورصاتها العالمية. إلا أنه في اليوم التالي، ثار غضب المجتمع الدولي، نتيجة للقصف الصاروخي لميناء أوديسا، والذي أعلنت روسيا أنها كانت تستهدف به مناطق عسكرية. وعلى أية حال، فقد عاد الهدوء، مرة أخرى، للميناء، ويستعد، حالياً، لشحن الحبوب الأوكرانية للعالم، في رسالة من روسيا بأن حربها في أوكرانيا، هدفها الأمن القومي الروسي، وليس تهديد الأمن الغذائي العالمي. وهو ما ستثبته الأيام القادمة، في حال استمرار الهدنة، وتأمين ممرات للغذاء، لتصبح أوديسا نقطة الانطلاق لحل أزمة الغذاء العالمية.