كشف الراهب أنطونيوس الأورشليمي مسؤول الأوقاف القبطية بالقدس تفاصيل الأزمة التي وقعت في دير السلطان داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس بين عدد من الرهبان الإثيوبيين والمصريين.
وتجددت أزمة اعتداء الرهبان الإثيوبيين على دير السلطان المملوك للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالقدس بعد قيامهم برفع علم ضخم لبلادهم داخل الدير، ليرد الرهبان المصريون برسم العلم المصري على أحد أبواب الدير لإثبات هوية مما فجّر الأوضاع بين الجانبين قبل أن تتدخل الشرطة لفض الأزمة.
وقال الراهب أنطونيوس الأورشليمي في حديث خاص إن هذه الأزمة متكررة كل عام، ففي العام الماضي وضع الرهبان الأحباش علم إثيوبيا على الخيمة الخاصة بهم في الدير مما يعد خرقا للأمور المتعارف عليها لوضعهم داخل الدير فبحسب الأوراق فإن إقامتهم مؤقتة ويعاملون كضيوف، وبالتالي لا يجوز أن يضعوا أي شيء يثبت الملكية.
وأوضح أن الرهبان الإثيوبيين قاموا بخروق كثيرة قبل ذلك لإثبات ملكيتهم للدير عبر إزالة العلامات الكلاسيكية من أيقونات وكتابات قبطية وبالتالي تجنبًا للمنازعات والاشتباكات هذا العام أرسلنا للشرطة الإسرائيلية والكثير من الجهات لإبلاغهم بعدم وضع العلم مجددًا لكنهم لم يستجيبوا لذلك ووضعوه بالفعل.
وأضاف مسؤول الأوقاف القبطية بالقدس: قمنا برسم علم مصر على باب بجوار الدير نمتلك المفتاح الخاص به، فثار الأحباش وبدأوا في الاشتباك وتوجيه السباب لنا وحاولوا إزالة العلم، لكننا تصدينا لهم لحين وصول الشرطة التي طلبت فض النزاع لكن الاشتباكات تجددت بينهم وبين الشرطة الإسرائيلية حين حاول شخص أن يلقي الدهان على العلم لمحوه.
وعلى إثر ذلك، قام الرهبان المصريون بإغلاق الباب الذي يمثل الممر الرئيسي لكنيسة القيامة قبل أن يطلب الإثيوبيون منهم فتحه لتمكينهم من أداء الصلوات.وقال أنطونيوس الأورشليمي: طلبوا منا فتح الممر الذي نغلقه كل يوم مع غروب الشمس، واستجبنا لطلبهم شريطة عدم التعرض لنا مجددًا.
وأشار أنه تم التواصل مع الكنيسة المصرية بشأن تلك الأزمة وكذلك وزارة الخارجية المصرية التي أكدت القيام بمساعٍ جادة لحل المشكلة.
وطالما أكدت الكنيسة المصرية ملكيتها التاريخية لدير السلطان بالقدس من جراء محاولات الرهبان الأحباش السيطرة عليه بعد أن استضافتهم الكنيسة ولجأوا إلى المحكمة العليا في إسرائيل، والتي حكمت لصالح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية غير أن الحكم لم ينفذ حتى الآن.
يعد الدير أحد أهم الأماكن العربية المقدسة الواقعة في مدينة القدس الشرقية وتحديدًا في حارة النصارى بجوار كنيسة الملكة هيلانة للأقباط الأرثوذكس والممر الواصل إلى سور كنيسة القيامة.
ويرجع تاريخ دير السلطان في القدس حسب بيانات الكنيسة المصرية إلى عهد السلطان عبد الملك بن مروان 684- 705م والذي وهبه للأقباط فسمي دير السلطان وتم التأكيد على ملكية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للدير في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي في القرن الثاني عشر.
وفي النصف الأخير من القرن السابع عشر، لجأ الأحباش للكنيسة القبطية ليجدوا لهم مأوى مؤقتًا للإقامة لديهم إلى أن تحل مشكلتهم ويعودوا إلى أماكنهم التي انتقلت في عام 1654 إلى كنيستي الروم والأرمن بسبب عدم قدرة الكنيسة الإثيوبية على دفع الضرائب فاستضافت الكنيسة القبطية الرهبان الأحباش كضيوف في بعض غرف دير السلطان بصفة مؤقتة.
وفى عام 1820 قامت الكنيسة القبطية بأعمال ترميم بدير السلطان مما استدعى إخلاء الدير من كل قاطنيه الأقباط والأحباش يوم 17 أكتوبر 1820 وسمح لهم بالعودة كضيوف بالدير في عام 1840م باعتبارهم من أبناء الكنيسة القبطية فيما قام بعض أصحاب المصالح من الحكومات الخارجية ببث بذور انشقاق بين الأقباط والأحباش وحفزوا الرهبان الأحباش على القيام بمحاولات متكررة للاستيلاء على الدير.
وطلب الرهبان الأحباش عام 1906 القيام بترميم الدير كخطوة أولية في محاولة الاستيلاء عليه ولذلك أسرعت الكنيسة القبطية بتقديم طلب للقيام بالترميم والذي وافقت عليه السلطات الرسمية آنذاك، لتؤكد بذلك أحقية الأقباط كأصحاب الشأن والتصرف في دير السلطان
وفي 25 أبريل من عام 1970 وأثناء إقامة قداس عيد القيامة بكنيسة القيامة أرسلت الحكومة الإسرائيلية قوات عسكرية لتمكين الرهبان الأحباش من دير السلطان وسلموا المفاتيح الجديدة للإثيوبيين وعندما علم الرهبان الأقباط بهذا هرعوا إلى دير السلطان لاستعادة ممتلكاتهم ولكن القوات الإسرائيلية منعت بالقوة دخول مطران الأقباط وكل من معه إلى دير السلطان.
وإزاء ذلك تقدم مطران الأقباط بدعوى أمام المحكمة العليا الإسرائيلية والتي أقرت بالإجماع بإعادة مفاتيح الكنيستين وأبواب الممر لأيدي الأقباط في 16 مارس 1971 إلا أن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تمتنع عن تنفيذ حكم المحكمة العليا حتى الآن على الرغم من الدعاوى العديدة التي قدمت إليها.
وشدد الراهب أنطونيوس الأورشليمي على أنه رغم الحصول على حكم قضائي بأحقيتهم في الدير إلا أن الجهات المختصة لم تنفذ القرار بداعي عدم ملائمة الظروف الأمنية للقيام بذلك.
وقال: هذه الأرض أرض مصرية وأملاك لبلدنا قبل أن تكون قبطية.