فى حديث مع اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخبير الأمني ومكافحة الإرهاب سياحة نووية خطيرة. منطقة محظورة يقدم اليها سائحون من مختلف أنحاء العالم كل سائح يحصل على شهادة مشاركة. مغامرة سياحية. جنون سياحى. لآزالت المنطقة محظورة لمسافة 30 كيلو متراً. الإشعاع والتعرض للإشعاع يزيد من خمسة الى عشرة أضعاف التعرض بالمانيا. تشكل خطر كبير على الصحة. لايؤكل من أنتاج الأرض. الحياة صامته. هدوء قاتل. غياب الحياة. قبة خرسانية تفوق وزن 30 الف طن حول مفاعل تشيرنوبل، أكبر قبة خرسانية بالعالم حول المفاعل النووى المتهالكة تحملت تكاليفه الدول السبع الكبرى فى العالم بمليارى يورو. مشروع هندسى فريد لحماية البيئة من نفايات الإشعاع.
رغم مخاطر الإشعاع .. ما سبب صراع روسيا وأوكرانيا على تشرنوبيل؟ حذرت السلطات الأوكرانية من زيادة مستويات الإشعاع عند محطة تشرنوبيل النووية المعطلة وذلك بعد سيطرة القوات الروسية عليها فى اليوم الأول لغزوها أوكرانيا. فما أهمية المحطة ولماذا كانت من أول الأهداف التى سيطر عليها الروس؟ ما أهمية موقع محطة تشرنوبيل النووية المعطلة بالنسبة لروسيا وأوكرانيا والصراع من أجل السيطرة عليها؟
قالت الوكالة النووية ووزارة الداخلية الأوكرانية إنهما يرصدان مستويات إشعاعية متزايدة عند مفاعل تشرنوبيل النووى المعطل. ولم يذكر الخبراء فى الوكالة النووية التابعة للدولة مستويات إشعاعية محددة لكنهم قالوا إن التغيير حدث بسبب حركة المعدات العسكرية الثقيلة فى المنطقة التى أدت لإرتفاع الغبار المشع الى طبقات الهواء. وقالت وزارة الداخلية بدأ مستوى الإشعاع فى التزايد. إنه ليس خطيراً بالنسبة لكييف فى الوقت الحالى، لكننا نراقبه.
كما حذر سفير أوكرانيا لدى اليابان اليوم الجمعة (25 شباط/ فبراير 2022) من أن أوروبا معرضة لخطر التلوث النووى إذا تعرض مفاعل تشرنوبيل الخاضع للسيطرة الروسية حالياً، لأضرار أو لم يُصن صيانة صحيحة. وقد خاضت القوات الروسية والأوكرانية معارك شرسة أمس الخميس للسيطرة على موقع تشرنوبيل الذى لا يزال يطلق إشعاعات نووية منذ وقوع أسوأ حادث نووى فى العالم والذى أسهم فى إنهيار الإتحاد السوفياتى.
وكتب الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي على تويتر “المدافعون عن أرواحنا يضحون بأنفسهم كى لا تتكرر مأساة 1986. وكتب زيلينسكى هذه التغريدة قبل أن تسيطر القوات الروسية على محطة الطاقة النووية السابقة التى كانت مسرحا لحريق وإنفجار مدمر فى تلك السنة.
لكن لماذا يرغب كل طرف فى السيطرة على محطة طاقة نووية معطلة محاطة بأرض بها إشعاعات نووية على مدى أميال؟ الجواب هو الجغرافيا. فتشرنوبيل تقع على أقصر طريق من بيلاروسيا الى العاصمة الأوكرانية كييف وبالتالى فالمحطة بحسابات المنطق تقع على خط هجوم القوات الروسية الغازية لأوكرانيا.
ويقول محللون عسكريون غربيون إنه بسيطرة روسيا على تشرنوبيل تستخدم ببساطة أسرع طريق للغزو من بيلاروسيا، حليفة موسكو ونقطة إنطلاق للقوات الروسية الى كييف. وقال جيمس أكتون من مؤسسة كارنيغى للسلام الدولى “كان هذا أقصر طريق.
من جهته قال جاك كين، القائد السابق فى أركان الجيش الأمريكى إن تشرنوبيل ليس لها أى أهمية عسكرية لكنها تقع على أقصر طريق من بيلاروسيا الى كييف الهدف فى إستراتيجية قطع الرأس الروسية الرامية للإطاحة بالحكومة الأوكرانية. ويصف كين الطريق بأنه أحد المحاور الأربعة التى إستخدمتها القوات الروسية لغزو أوكرانيا، بما فى ذلك طريق آخر من
بيلاروسيا وتقدم بإتجاه الجنوب الى مدينة خاركيف الأوكرانية، وإندفاع بإتجاه الشمال إنطلاقاً من شبه جزيرة القرم التى تسيطر عليها روسيا الى مدينة خيرسون. وتشكل الهجمات الأربعة مجتمعة أكبر إنقضاض على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية. وكانت السيطرة على تشرنوبيل جزءاً من الخطة وقال مسئول أوكرانى كبير إن القوات الروسية سيطرت عليها بالفعل أمس الخميس.
وإنفجر المفاعل الرابع في تشرنوبيل الذ يبعد 108 كيلومترات الى الشمال من كييف فى أبريل/ نيسان 1986 خلال إختبار سلامة فاشل وإنطلقت سحب الإشعاع فى معظم أنحاء أوروبا ووصلت الى شرق الولايات المتحدة.
وأثرت العناصر المشعة السيزيوم والبلوتونيوم والإسترونتيوم بشكل أساسى على أوكرانيا بيلاروسيا المجاورة، ومناطق من روسيا وأوروبا. وتختلف التقديرات فيما يتعلق بالوفيات المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن الكارثة مما يقدر بالألوف الى نحو 93 الف وفاة إضافية بالسرطان فى جميع أنحاء العالم. وحاولت السلطات السوفيتية فى بداية الأمر التستر على الكارثة، ولم تعترف فوراً بالإنفجار، مما شوه صورة الزعيم السوفياتى الإصلاحى ميخائيل جورباتشوف وسياساته المعروفة بإسم الغلاسنوست الرامية الى زيادة الإنفتاح فى المجتمع السوفياتى. إعتُبرت الكارثة من وجهة نظر الكثيرين أحد العوامل التى أسهمت فى إنهيار وتفكيك الإتحاد السوفياتى بعد سنوات قلائل. وفى غضون ستة أشهر من الكارثة تم على عجل بناء غطاء مؤقت أو تابوت لتغطية المفاعل المتضرر وحماية البيئة من الإشعاع. وفى نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، تم وضع غطاء آمن جديد فوق التابوت القديم.
قال أكتون الواضح أن وقوع حادث داخل تشرنوبيل سيترتب عليه مشاكل كبيرة. لكن من المحتمل الا يؤثر كثيراً على المدنيين الأوكرانيين وعلى وجه الدقة بسبب وجود المنطقة المحظورة.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس الخميس نقلاً عن الهيئة المنظمة للطاقة النووية الأوكرانية إن محطات الطاقة النووية الأربع النشطة فى أوكرانيا تعمل بأمان ولم يحدث تدمير فى النفايات والمنشآت الأخرى فى تشرنوبيل. كذلك أكد البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير يوم الجمعة أن البنية التحتية الحساسة لمحطة تشرنوبيل لم يلحق بها ضرر وإن أعمال الصيانة الضرورية فيها مستمرة.
وأوضح أكتون أن المفاعلات الأوكرانية الأخرى ليست محاطة بمناطق حظر وتحتوى على وقود نووى أكثر إشعاعاً. وأضاف “مخاطر القتال حولها (المفاعلات العاملة) أعلى بكثير”.