تصاحب كل فترة زمنية متغيرات كثيرة فى كل شىء وليس فقط فى الملبس والمسكن ووسائل الترفيه وأنظمة الحكم .
أيضا تتغير الحروب واشكالها عبر الزمان . تتغير من حيث الخطط والأسلحة واراضى المعارك المستخدمة في تلك الحروب . ومع ظهور شبكات الأنترنت ونظم المعلومات والسوشيال ميديا والتكنولوجيا الحديثه . والتى فرضت نفسها بقوة كأحدى مقومات الحياة وأساسيات الشعوب . قامت الدول باستخدام تلك التكنولوجيا كأحد الأسلحة المهمة والأقل تكلفة والأكثر فتكا دون إراقة أى نقطة دماء من الطرف المهاجم .
وإليك المقصود بمصطلح الحرب السيبرانية . هى تلك الحرب التى تهاجم فيها خصمك إلكترونيا فتخترق شبكات الانترنت وشفرات الأجهزة الحكومية لديه وتقرصن عليها وتقوم بتعطيلها وأصابتها بالشلل التام مما ينتج عنه أضرارا تصيب مواطنى ومرافق وممتلكات عدوك سواء كانت مدنية اوحربيه .
يصاحب ذلك الهجوم الالكتروني أعلام مضلل يذيد الموضوع توهجا وأثارة لنشر حالة من البلبلة وخلق الفتن والتفكك بين مواطنى ذلك البلد المقصود بالهجوم .
وقد أعلن الريس الأمريكي ( جو بايدن ) أنه إذا كان هناك حرب يمكن أن تنشب بين قوى عظمى فأنها لن تكون بسبب الصواريخ ولا الأسلحة النووية . وإنما سوف تكون بسبب ( الحروب السيبرانية ) فى أشارة إلى هجوم روسيا على محطة مياة أمريكية في إحدى الولايات الأمريكية مع أعلام مصاحب قام بتضخيم المسألة للمواطن الأمريكي والذى كغيره يستقى معلوماته من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت .
او كقيام روسيا بهجمات الكترونيه أدت إلى فوز الرئيس الأمريكي الأسبق ( دونالد ترامب ) مما أثر على تغير وقائع الأحداث التى كانت ليست في صالحه .
وبالمثل أعلنت روسيا عن قيام الولايات المتحدة الأمريكية بأستهداف أحدى قطاعات الصرف الصحي الروسية . من خلال إحدى الهجمات الإلكترونية على الشبكة وتعطيل نظامها وأثارة الموضوع إعلاميا من خلال وسائل الإعلام على أن هناك تقصير من قبل الحكومة الروسية لخلق حالة الفوضى والسخط بين أفراد الشعب الروسي ضد حكومة بلاده وهكذا .
أما فى مصر فقد تعرضنا لحرب سيبرانية جليه واضحة خلال ثورة يناير وكان أبرز صورها تلك الأحداث التي تمت بشارع ( محمد محمود ) فقد اندست عناصر قامت بإطلاق النار على المتظاهرين وقوات الجيش على حد سواء . وتصويرها وتوثيقها على أن المجلس العسكري هو من أصدر أوامره لقوات الجيش لتصفية المتظاهرين وقامت قناة الجزيرة بأذاعة تلك الأحداث ونشرها عالميا من خلال وسائل الإعلام العالمية لأكساب الموضوع طابعا دوليا على أن الشعب المصري يباد من خلال قوات الجيش لنشر حالة من السخط والغضب الشعبى . او كتلك العمليات التى تمت فى سيناء على أيدى العناصر الإرهابية لتصوير الوضع على أنه خارج عن السيطرة فى سيناء كلها . فتعلن أسرائيل أن أمنها القومي في خطر لوجود تلك العناصر فى سيناء على حدودها . وقد همت بالتدخل واحتلال سيناء فى تلك الفترة . ولكن قامت المخابرات المصرية بالرد الفورى الحاسم بواحدة من اروع الحروب السيبرانية فقد هكرت المخابرات العامة المصرية على شفرة شبكة صواريخ الدفاع الجوي الإسرائيلية والمعروفة بأسم ( حوما ) أو ( القبة الحديدية ) ومنظومة ( العصا السحرية ومقلاع داود ) مما أدى إلى إقالة الجنرال ( يائير راماتى ) مدير هيئة الدفاع الصاروخي الإسرائيلي وقد قام الرئيس الأمريكي آنذاك ( باراك أوباما ) بالاتصال بالمشير ( عبدالفتاح السيسي ) والذى رفض الرد عليه وقاموا بتحويل المكالمة على الرئيس ( عدلى منصور ) وقتئذ . فتم تراجع اسرائيل على الدخول واحتلال سيناء فى ذلك الوقت .
تلك هي الحروب السيبرانية أو حروب الجيل الرابع . إن شبكات الإنترنت والمنظومات الإلكترونيه والثورة التكنولوجية الحديثة هى ذلك السلاح المستخدم . وهى أيضا ارض المعركة .
أما المستهدف والضحية فى كل الأحوال فهو الإنسان الذى لا يدرى ولا يعى كيف تدار الحروب وكيف يكتشف عدوه من صديقه على تلك الشبكات .
نسئل الله أن يحفظ الأمة العربية وشعوبها ويحفظ مصر رئيسا وجيشا وشعبا .