كتب محمود فهمى .
.حضرت الاستاذة شيرين هلال مستشارة شبكة اعلام المرأة العربية عرض مسرحى فى القاهرة لأحد عروض مسرح الغرفة باسم ” فيلسوف بيتفلسف” من تأليف و إخراج الأستاذ أحمد سمير ريان و بطولة أعضاء فرقة “تغيير” المسرحية وقالت شبكة اعلام المرأة العربية فى بيان لها ان الاستاذة شيرين هلال القيادية فى الشبكة قدمت تقريرا الى الهيئة العليا للشبكة وفيما يلى ابرز ما جاء فى تقريرها : جرت العادة انه فى مثل هذه العروض عادة تكون اسعار التذاكر رمزية و إمكانيات العرض من ملابس و ديكور و إضاءة تكون متواضعة و المشاهد فى مثل هذه الحالات يتقبل اى هفوات مفاجئة على المسرح.
لكن هذا لم يكن موجودا او ربما كان موجودا و غطى عليه جرعة الفن و الابداع الكبيرة اللى قدمها صناع العمل برشاقة فى المشاهد و خفة دم فى الأداء و سهولة السيناريو. ضاربين عرض الحائط بتلك المقولات المغرضة حديثا مثل ” دا مش عصر المسرح” و” المشاهد بيجرى على اليوتيوب و المهرجانات” ….
المسرحية تحكى عن فرقة شبابية مخرجها محتار فى فكرة عمل يقدمه فى مسرحية وتراوده خيالات عمالقة الفن و يتم استحضارهم للعمل من خيال المخرج فى حضور ناعم على المسرح مع جرعة من” كوميديا الموقف” اللى افتقدناها و كادت ان تندثر ، لكن الشباب فى المسرحية نجحوا فى ذلك بموهبتهم و فطرتهم الفنية السليمة. إستحضر المخرج شخصيات مثل المخرج العالمى يوسف شاهين.. الشاعر الفاجومى احمد نجم ..و الملحن الشيخ امام و شاعر العامية صلاح جاهين . المشاهد صورت جزءا من عقلية الفنان المهموم برسالة الفن و المتأثر بالبصمة الفنية للعمالقة حيث ورث عنهم الإيمان بأهمية العمل الفنى و دوره فى تشكيل وعى الناس…ايضا الخيالات حصرت المخرج بعيدا عن واقع التدهور الفنى الموجود بالساحة الثقافية و الفنية على حد سواء. يقترح المؤلف على المخرج ان ابطال المسرحية هم من يكتبوا المشاهد من تصورهم الشخصى عن ما يحبوا ان يقدموه و يأتى هذا الاقتراح بمثابة الحل الذى يخرج به المخرج من هذا المأزق…. هذا
التكليف الصعب عندما انتقل للممثلين احدث سيناريو شديد الثراء لأنه مكنهم من مناقشة قيمة الفن الراقى فى مقابل تحقيق المكسب السريع على حساب ما يقدموه من فن. و الحقيقة ولابد ان اذكر اننا كمشاهدين كنا ” كأن على رؤوسنا الطير” الحوار كان أشبه بمباراة مصارعة محترفين وليست مسرحية يؤديها شباب فى اولى خطوات مشوارهم الفنى !! و يدخل المؤلف كى ينقذهم من الحيرة و يقرر هو ان يكتب المشهد نظرا لتصارعهم و عدم قدرتهم على الوصول لفكرة او الاتفاق على الهدف من العمل الفنى. رسالة مشفرة على ما يريد المؤلف ان يوصله للمشاهد عن غياب المضمون و القدرة على انجاز العمل الجماعى فى الساحة الفنية بشكل عام.
ليتفاجئ المخرج بالصدمة الحضارية التى يقدمها له أبطال العمل عندما يشتركوا جميعا فى بطولة مشهد يجمع ابطال هذا الزمان “الدجالين” او “أنصاف الموهوبين” و ما فرضوه من شكل و اسلوب تفكير يتسم بالميل الى الخزعبلات و الترييف على نطاق واسع جدا بالمجتمع. الشئ الذى كان صادما جدا فى المشهد الجماعى ان عمالقة الزمن القديم حضروا على المسرح فى مشهد شديد التصادمية و الإنكشاف لواقع غائب عن أذهان الكتير منا.
سوف اتوقف عن تكملة سرد احداث المسرحية و اقول انهم ذكرونى بما قاله رئيس أحد أعرق الجامعات المصرية و هو يخاطب الطلبة فى مهرجان للمواهب و يقول لهم إن جودة التصنيف الفنى له نفس اهمية التصنيف العلمى فى التصنيف العالمى للجامعات ” ..لا نريد ان نخرج كتب تمشى على رجلين، الكتب موجودة فى المكتبة نريد ان نخرج شخصية متوازنة و مفيش شخصية متوازنة من غير علم وثقافة و فن . نريد ناس أصحاء نفسيين. الإنسان القادر على العمل و فى نفس الوقت فنان و مثقف او على الأقل يكون قادر يتذوق الفن.” كلامه كان منضبط علميا و عمليا و هو ببساطة ما قدمته فرقة “تغيير”… قدمت تساؤلات عن ما ينقص الساحة الثقافية و الفنية و اجابت عليها. لما اختارت شخصية مثل الشيخ امام برغم كونه كفيف، لكن موسيقاه كانت ملهمة لمشاعر جيله الوطنية و شخصية ذى الفاجومى برغم تعرضه للسجن و الإعتقال الا انه لم يفقد إيمانه بوطنه وظل ينتج اشعار تتغنى ببلاده و تعبر عن الانسان المصرى الفنان و حتى اختيار العملاق يوسف شاهين كان يريد ان يقول انه برغم عدم قدرته على التنازل عن تقديم نوعية من الفن يصعب فهمها على السواد الأعظم الا انه تمسك بالفن الذى خاطب الضمير وليس الذى يحقق مكسب سريع بالهبوط.