متابعة عادل شلبى قضيت عمري كله في هذه المؤسسة العريقة، العظيمة، القوات المسلحة المصرية، منذ التحاقي بالكلية الحربية، وأنا لم أبلغ السادسة عشر بعد … عاصرت معها حروباً عدة، بدءاً من حرب اليمن عام 1962، ثم حرب 67، ومعارك الاستنزاف، لمدة 6 سنوات، على جبهة قناة السويس، والتي كللناها بنصر أكتوبر العظيم عام 73 … تدرجت بعدها في مناصب عدة، داخل القوات المسلحة المصرية، كان لكل منها بريقه الخاص، ورونقه المميز، ولم يمر عليّ يوم دون أن أستشعر فخر الانتماء لتلك المؤسسة العسكرية العريقة.
لازمني شعور الفخر إلى يومنا هذا، بعد عقود من ترك الخدمة العسكرية، وتأججت مشاعر العزة وأنا أتابع شاشات التليفزيون المصري، تنقل وقائع افتتاح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، لتجهيزات القوات المسلحة، للعزل الصحي، في أرض المعارض، والتي تشمل مستشفيات ميدانية، وقاعات عزل، بقوة إجمالية 4000 سرير، ومزودة بسيارات إسعاف مجهزة، وخدمة الإسعاف الطائر، وكافة الأجهزة والإمكانات الطبية والعلاجية، طبقاً لأحدث المعايير العالمية.
أقامت القوات المسلحة 9 مستشفيات ميدانية للعزل الصحي لمرضى فيروس كورونا المستجد؛ مقسمة إلى أربع مستشفيات، في صورة قاعات، تحتوي كل منها على 750 سرير، بإجمالي 3 آلاف سرير، أما الخمس مستشفيات الميدانية الأخرى، فخصصت للعزل، وتم تزويدها بأحدث الأجهزة، بطاقة 1000 سرير، منها 40 سرير للعناية المركزة، وغرف عمليات كبرى، علاوة على وجود 50 سيارة إسعاف عناية مركزة، وطائرات مجهزة، وسيارات من جهاز النقل العام للقوات المسلحة لنقل المرضى، وأطقم تطهير من القوات المسلحة، ومعامل تحليل متطورة، كل ذلك في وجود أمهر الأطقم الطبية، وأفراد التمريض، إضافة لوحدات تقديم الوجبات الغذائية للمرضى. تم تنفيذ ذلك المشروع العملاق، في مدة لم تتجاوز خمسة عشر يوماً، من العمل الشاق، والدؤوب، الذي لا يقدر على تنفيذه إلا أبناء القوات المسلحة، فقد تحول مركز المؤتمرات إلى تلك المستشفيات بمعرفة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وتم إنشاء بنية تحتية لشبكات مياه، وصرف صحي، وكهرباء، وكوابل للإنترنت، وتركيب هذه الخيام، في أسبوعين فقط، ليضاف إلى سجل معجزات قواتنا المسلحة المصرية.
أما تدبير الأجهزة والمعدات الطبية، لعدد 4000 سرير، بهذه السرعة، والدقة، ومن أحدث الطرازات العالمية، فيضاف لنجاحات هيئة الشراء الموحد والإمداد الطبي والتكنولوجيا الطبية، التي أمر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشائها منذ فترة طويلة، وتم تكليفها بتدبير كافة الاحتياجات، من الأجهزة والمعدات الطبية، لمواجهة وباء كورونا، وفي زمن قياسي تم تدبير كل هذه الأجهزة والمعدات، اتساقاً مع توجيهات السيد الرئيس، منذ بداية الأزمة، بضرورة تأمين مخزون استراتيجي من كل المستلزمات الطبية، سواء الأجهزة أو الأدوية، وهو سر نجاح هذه الفكرة، التي اعتمدت على التفكير الاستباقي، قبل حدوث الأزمة، وتفاقمها، وهو ما يطلق عليه “علم إدارة الأزمات بالتوقع”، بمعنى تقدير المستقبل، والتحوط له بقرارات استباقية. ومع بوادر ظهور الأزمة، ثبت صحة توقع السيد الرئيس، الذي وجه بالتعاقد فوراً، وتكوين احتياطي استراتيجي، فلولا ذلك، ما استطعنا إنشاء هذا المجمع الضخم، وتلبية كافة احتياجاته، ومتطلبات كافة مستشفيات الجمهورية.
وفي النهاية شاهد الجميع معجزة هذا الصرح الطبي العملاق بطاقة 4000 سرير، الذي أسسته القوات المسلحة المصرية، ووضعته تحت تصرف وزارة الصحة والسكان، لخدمة المواطن المصري، إذ ستتولى وزارة الصحة مسؤولية تحويل الحالات، بينما يتولى أبناء القوات المسلحة، من إدارة الخدمات الطبية، تقديم العلاج اللازم لأبناء الشعب المصري، بمعرفة أطباء وتمريض القوات المسلحة. كما تم وضع نظام إلكتروني، لاستقبال المرضى، ومتابعة الحالات لحظة بلحظة، من خلال شاشات الحاسبات الآلية، المتصلة بأساور إلكترونية يرتديها المرضى فور وصولهم إلى ذلك المجمع الطبي العملاق. وهو ما تم التأكد من تماشيه مع تعليمات وتوجيهات منظمة الصحة العالمية، من حيث الاختبارات الأولية، وبروتوكولات العلاج، وفقاً لمؤشرات كل حالة.
شعرت بفخر الانتماء لهذه المؤسسة العظيمة، القوات المسلحة المصرية، التي تقف، دائماً، سنداً لشعب مصر العظيم، كمساندتها له في ثورة 30 يونيو، واليوم تسانده من خلال الاستراتيجية الاستباقية للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وجه بتأمين احتياطي استراتيجي لمجابهة فيروس كورونا، منذ اليوم الأول لاجتماع لجنة إدارة الأزمة، بالتوازي مع جهود تدبير المواد الغذائية، من خلال زراعة 1,5 مليون فدان، وإنشاء الصوب الزراعية، والمزارع السمكية. ولا يقتصر دعم القوات المسلحة للشعب المصري، في التصدي لوباء كورونا، وإنما يمتد لكافة تفاصيل الحياة، سواء بإنشاء مزارع الطاقة الشمسية في أسوان، أو بناء المدن الجديدة، أو القضاء على العشوائيات، ببناء مدن بديلة، وإنشاء البنية الأساسية لتطوير سيناء، بتكلفة 300 مليار دولار، يتم تنفيذها بسواعد أبناء الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وغيرهم من المشروعات الوطنية الهامة.
كان المشهد مهيب، فالوباء طال العالم بأسره، دونما تمييز، وكان الفيصل في قدرات الدول على التعامل معه، والتصدي له، فسعدت بقدرة مصر على تحويل أرض المعارض إلى أكبر مستشفيات ميدانية، بطاقة 4000 سرير، لخدمة هذا الشعب العظيم، في زمن قياسي … ومرة أخرى، شعرت بالفخر لهذا الأداء المميز لقواتنا المسلحة، التي أشرف بكوني واحد من أبنائها، القائمين على حماية شعب مصر في السلم والحرب والأزمات.