أزمة الإنسان العربي: هل نحن أمام فراغ وجودي أم مأزق فكري؟
يمكن للفراغ في الحياة اليومية أن يكون مصدر توتر وإزعاج، خاصة عندما يصطحب بفقدان المعنى والهدف. فلا أمل في أمة نال منها استفحال التعثر الفكري الرهيب، دون أن تكون لها علاقة حقيقية بالواقع، تعيش آنية مستقلة عن النظام المرجعي. كما يمكن اعتبار المأزق الأخلاقي جزء من المأزق الفكري للمثقف العربي وذلك في غيابه عن القضايا الكبرى،إما خوفا بداعي تجنب الصدام مع المؤسسات الحاكمة وإما تجاهلا نتيجة رؤية متبصرة تجزم استحالة الاصلاح لعدة عوامل لها ارتباطا وثيقا بالجهل، لكونه يمثل رأسمال الطغاة من الأغنياء والساسة و مريدي البدع من صناع التفاهة. لقد أصبح للجهلاء من الأمة العربية بصمة سلبية مؤثرة وشاسعة على مستوى المجتمع بجميع مكوناته. لذا تنحصر حقيقة أزمة الإنسان العربي بين التوزيع الغير العادل والمشروع للثروات بما في ذلك ضعف النخب السياسية و الموالات إلى المطبعين مع الشرك من مريدي الزوايا والأضرحة، بسبب الفراغ الإيماني الناتج عن تجاهل الجانب الروحي للإنسان. ،لكن من باب نقد العقل العربي في إطار المأزق الفكري، تظل البنية الفكرية المتمكنة الهادفة حاضرة لكنها منحصرة و مهمشة لأنها تشكل خطرا على النخب السياسية الفاشلة، لهذا تختار الهجرة كمتنفس يفتح لها آفاق مستقبلية واعدة. إذ لا يوجد فراغ وجودي من حيث الحضور في الساحة الفكرية و لا من حيث جوهر الإبداع والتطلع إلى غد متميز إقتصاديا، علميا وسياسيا. لكن محاولة النبش في ملفات الفساد أو توعية الرأي العام تجعل منك عميلا لأجندة خارجية ويزج بك في السجن، وإذا صفقت للفساد و هتفت بالمفسدين إما أن تنعت بالمتملق او بالإنسان الوطني المتميز. لكن من خلال طرح «الشك في الأفكار المؤكدة الثابتة»، أو «إعادة ازدواجية وظيفية للأفكار البسيطة»، ومحاولة للإجابة عن مجموعة من التساؤلات من خلال الموضوع الذي تم طرحه على المستوى الأخلاقي التواصلي، فإنه لا يوجد فراغ وجودي و لا مأزق مادي ، وليس مجرد غياب جوهري، بل هو مفهوم معقد ومتعدد الأوجه، يمكن النظر إليه من زوايا مختلفة،لأن أصل الفراغ الوجودي يرتبط بالأحاسيس والتصورات السلبية، حيث يشعر الفرد بأنه يعيش بلا هدف واضح بسبب فقدان المعنى في الحياة والغاية من الوجود. مما ينتج عنه حالة من اليأس والضيق النفسي. هنا بداية معاناة الإنسان العربي في ظل أزمة متشعبة الأركان أمام أبواب موصدة وعقول معلبة مداومة على الكسل والشعوذة.