رحل العقل عن واقعه، فأصبحت السياسة والعلم والاقتصاد عبثا بسبب أخطاء انتاج ثقافة اللامعنى التي ظلت تمثل البؤس السيادي الذي يتصدره ذوي العقول المعلبة منتهية الصلاحية كجزء من المنظومة الإجتماعية، ظاهرة تجسد مظلة للفساد و مأوى للإنحلال الأخلاقي بشتى أشكاله و منفذ إلى الانحطاط العلمي. ما يلاحظ من هذه المقومات، الزج بالعقل التواصلي إلى الرحلة الأصعب نحو المستقبل المجهول. إذ لا أجازف على أهمية العقل في الحياة لتنوع معطياته و توجهاته المتشعبة التي تفتح المجال أمام كل شيء، لكن في الأخير صاحب الفكرة من سيدفع الثمن. لذا يجب عدم الإغفال عما أصبح عليه العالم من جشع الاستثمار في استقطاب العقول المعلبة كمشروع تخريبي ضخم يتم من خلاله تصنيف التعيينات و زرعها في مراكز القرار من غرض تدبير مصير الأمم. من أشد أنواع الظلم الاجتماعي هو البحث عن فاسد ليدبر أمة صالحة، نواتها صلبة تنعم بالاستقرار. لهذا، من أجل تأطير الأزمات و الإحتقان و التفاوت الملموس في الصدام الاجتماعي،الأخلاقي والحضاري،لا بد من تكريس الجهود الدؤوبة، من باب الانخراط في مراجعة وإعادة طرح الحوار بشكل أساس مع توظيف الفكرة المركزية في معالجة البنيوية المعرفية و إعطاء الأولوية للإفرازات العلمية التي خلفت أعطابا بين المثقفين. لذا، من أجل الإطلاع على الأطروحة من غرض تطوير أهم عناصرها الرئيسة، علينا طرح جملة من القواعد والتوقعات الموضوعية دون الخلط بما يتحدث عنه البعض عن العقل الخيالي والعقل العلمي كطابع معياري لآليات النظام البرهاني في تقيم العقل، المراد به النشاط الذهني الذي يعمل به الفكر أثناء صياغة مفاهيم البحث أو الدراسة. لهذا، فلابد من المساهمة في إرساء قواعد و مفهوم العقل وإبعاده عن التبعية الايديولوجية والاملاءات، و من أهمها على الاطلاق التي تستهدف العلوم والاقتصاد اللذان يلامسا و يغذيا تطور المجتمعات. إذ، لا علاقة لنا بنواياهم ومخططاتهم، لكن يستحال إرجاع الثقة إذا فقدت. لذا رغم دلالات النتائج العلمية الدقيقة ، من الملزم إخضاعها إلى تعديلات جزئية او جذرية بأمانة فكرية تخدم الإنسانية.