البحر الاحمر وإيران
بقلم : محمد عتابي
*البحر الاحمر وما يمثله من عمق استراتيجي مصري وعربي وأفريقي وايضا ملعب مخابراتي واقتصادي وعسكري*
*وكثيرًا ما نادى البعض- بأن تولى مصر، خاصة نخبتها الفكرية والثقافية، اهتمامًا متزايدًا بالبحر الأحمر،*
وأذكر مناقشات أثناء لقاءات تناقش أطروحة عميد الأدب العربى، *الأستاذ الدكتور طه حسين* ، حول مستقبل الثقافة،
وقد ازداد إمعان كثيرين فى التأكيد على الانتماء المتوسطى لمصر، وعلى أنها تنظر شمالًا، إلى آخر ما هو معروف فى هذا الصدد.
.
وأعتقد أن ما جرى ويجرى فى *البحر الأحمر* وامتداداته- إذا جاز ذلك الوصف- فى خليج عدن وبحر العرب، وصولًا للمحيط الهندى، هو التحدى الطارئ الحاد الذى استفحل بشكل سرطانى ليهدد الملاحة فى البحر وقناة السويس.
وهنا يجب أن نثمن التوجه السياسى المصرى لاستعادة العلاقات مع تركيا، والسعى نحو استمرار تأسيسها على قواعد تكفل مصلحة الدولتين، وتكفل وجود قنوات متنوعة- سياسية ودبلوماسية واقتصادية- تحول دون أى صدام فى البحر المتوسط.
الأمر الذى يطرح سؤالًا جوهريًا هو: *لماذا لا نسعى لتطوير التفاهم مع إيران* ؟؟؟
، التى هى موجودة الآن عبر البوابة الحوثية اليمنية؟ ولا أعلم *هل لها وجود أيضًا عبر بوابات أخرى على الشاطئ الغربى للبحر الأحمر، أى فى القرن الإفريقى،؟؟؟*
*وربما أيضًا فى إثيوبيا؟.. لماذا وقد سعت دول الخليج- وعلى رأسها المملكة العربية السعودية- لفك الاشتباك مع إيران وتسارعت عجلة «التطبيع»، على النحو الذى أضحى معلنًا للكافة؟!*
ولا أريد أن أنبش فى أصل تعقد وسوء العلاقة بين مصر وإيران بعد قيام الثورة الجعفرية هناك، *وإقدام الرئيس السادات على استضافة الشاه محمد رضا بهلوى، المخلوع والمنبوذ من كل حلفائه السابقين*
، *ودعونا نتأمل*
السبب « *الأخلاقى* » الذى أعلنه السادات ليفسر لماذا استضاف الشاه وقطع العلاقات مع النظام الجديد.
.. الذى لم يبادر بإساءة علاقاته مع مصر، بل على العكس كان المرشد الأعلى للثورة هناك «آية الله الخمينى» يشيد بمساندة مصر له وللحركة
التى كان يقودها زمن الرئيس عبدالناصر، وكان من الممكن أن نستند إلى ذلك الامتنان لنبنى علاقة قائمة على تحقيق مصالح الشعبين، غير أن نظام الرئيس السادات أمعن فى الخصومة حتى بعد رحيل الشاه، *وقيل كلام كثير عن المتناقضات الجوهرية*
بين البلدين، وثبت عبر الواقع والزمن أنها بقيت تناقضات نظرية من قبيل *الخطر الشيعى* ، والسعى لتشييع مصر، وخطر التمدد إلى تهديد الأمن المصرى، وخطر تهديد أمن دول الخليج.
وها هى مصر وبعد حوالى خمسة وأربعين عامًا على ثورة الخمينى لم تتشيع بالمعنى الفقهى والسياسى، ولم تعلن عن اختراق إيرانى لأمن الوطن المصرى،
ثم- وكما أسلفت- سعت دول الخليج التى قطعت علاقاتها مع إيران لاستعادة العلاقات، بينما لم تقطع دول خليجية كعمان علاقاتها أصلًا، مع العلم أن مصر المحروسة بآل البيت بقيت فى نظر كثيرين جدًا *سنية أشعرية المذهب محبة لآل البيت حبًا يفوق ما لدى الشيعة!*
لقد أصبح البحر الأحمر ملعبًا مفتوحًا لقوى إقليمية ودولية، وأثق فى صانع السياسة الخارجية المصرية، وأن القرار السياسى المصرى يدرك خطورة ما جرى، ويتبقى أن تولى النخبة الفكرية والثقافية والسياسية المصرية اهتمامها العميق بعلاقة مصر بالبحر الأحمر،
وما يرتبط به شرقًا وشمالًا بشرق وجنوب على الصعد الحضارية والثقافية والعقيدية والوجدان، وفى ذلك كلام طويل.
*مصر المحروسه لا يمكن اختراقها ولا تغيير مذهبها*