فى حديث مع اللواء رضا يعقوب الخبير الأمنى والمحلل الاستراتيجى ومكافحة الارهاب المصرى اعتقد أن الأحداث الأخيرة فى أوروبا متمثلة فى العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا والشرق الأوسط ممثلة بهجوم السابع من أكتوبر وما تلاه من إعلان إسرائيل الحرب على حماس فى قطاع غزة أن هناك فرصة لتحقيق دفعة كبيرة لشرق أوسط جديد أكثر تعددية.
ولكن حتى يتحقق هذا الأمر يجب أولا أن تفلت أوكرانيا من قبضة روسيا وتنضم فى نهاية المطاف إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبى وثانيا إعادة إسرائيل إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل لحل الدولتين مع السلطة الفلسطينية، لتمهيد الطريق للتطبيع بين إسرائيل والسعودية.
ويقول اللواء رضا يعقوب إنه إذا أمكن لهذه التحولات التكتونية أن تحدث فإن عالم ما بعد الحرب الباردة لديه فرصة أكبر بكثير للتعامل مع التحديات العالمية الأخرى مثل تغير المناخ مقارنة بما لو تم إحباط هذه التحولات. ويضيف يعقوب لست فى حاجة إلى التحدث بالعربية أو العبرية أو الفارسية أو الروسية أو الأوكرانية لتفهم أن حماس المدعومة من إيران شنت حربها لإحباط التطبيع السعودى الإسرائيلى ومنع طهران من العزلة وأن فلاديمير بوتين شن حربه للحيلولة دون انضمام أوكرانيا إلى أوروبا وتوسعها
ويخلص اللواء رضا يعقوب إلى الأمرين اللذين أخبره المسؤولون العسكريون الأميركيون أنهم قلقون بشأنهما:
أولا: إنهم يعتقدون أن الإسرائيليين يريدون الاستيلاء على مدينة غزة فقط حيث يوجد قلب البنية التحتية العسكرية والبشرية لحماس ومن ثم استخدام ذلك كنقطة انطلاق لمزيد من الهجمات التكتيكية على قيادة حماس وقاذفات الصواريخ فى بقية أنحاء غزة من دون احتلالها بالكامل.
غير أن التقدم العسكرى الإسرائيلى يواجه بالفعل تحدياً مشتركاً فى حرب المدن: حيث تتوقف فى الأزقة ثم تستدعى القوة الجوية لضرب العدو وأي شخص آخر قريب منك، مما يؤدى إلى وقوع خسائر كبيرة فى صفوف المدنيين.
وفى هذا الصدد يقول المسؤولون الأميركيون إن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تتجاهل هذه الاستراتيجية أو تدافع عنها لفترة أطول.
ثانيا: ما زالت الولايات المتحدة ترى ثغرة هائلة فى قلب الاستراتيجية الإسرائيلية: فمن الذى سيحكم غزة إذا ما تم طرد حماس؟ والاحتمال الوحيد المتوقع هو وجود السلطة الفلسطينية فى رام الله بالضفة الغربية. لكن الطريقة الوحيدة التى سيتمكن بها هؤلاء القادة الفلسطينيون من الاضطلاع بهذا الدور هى إذا سمحت إسرائيل لقدراتهم بالنمو – شريطة أن يقوموا بعملهم معا – وإذا تم النظر إلى إسرائيل على أنها تتقدم بحل الدولتين. لكن حكومة بنيامين نتنياهو الحالية ملتزمة بضم الضفة الغربية.
لذا يبدو الأمر كما لو أن الجيش الإسرائيلي يعيد احتلال غزة ليسلمها فى نهاية المطاف إلى نوع ما من السلطة الفلسطينية الشرعية – فى حين يعمل السياسيون والمستوطنون اليمينيون المتطرفون فى إسرائيل وقتًا إضافيًا لنزع الشرعية عن تلك السلطة وطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية.
ويخلص اللواء رضا يعقوب إلى أن هذا يشكل تناقضا استراتيجيا وبالتالى فإن إسرائيل تحتاج فى واقع الأمر إلى عملية سلام فى زمن الحرب مع السلطة الفلسطينية.