اعداد/حازم خزام بالهيئة العامة للإستعلامات برئاسة جمهورية مصر العربية والعضو الشرفى المعتمد لدى هيئة الأمم المتحدة :
متابعة عادل شلبى عند تتبع تاريخ نشأة الحرب الإلكترونية في العالم، نجد أن جذورها تعود لما قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، فقد بدأت الاتصالات بين أرجاء العالم المختلفة باستخدام المواصلات السلكية مـن طريق المورس “جهاز البرق الصوتي” عام 1837 ولم يتحقق أي اتصال آخر في ذلك الوقت إلا من طريق تبادل المراسلات باستخدام السفن في نقل الرسائل بين الموانئ البحرية. منذ اندلاع الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية، في أبريل 1861، كانت خطوط التلغراف هدفاً مهماً للقوات المتحاربة إذ كان عمال الإشارة يتداخلون على خطوط المواصلات السلكية، من طريق توصيل هاتف على التوازي مع كل خط من هذه الخطوط للتنصت على المحادثات ولهذا السبب، كان كل جانب يقطع المواصلات الخطية عند عدم الحاجة إليها، حتى لا يتداخل عليها الطرف الآخر. ثم كانت بداية استخدام الاتصال اللاسلكي في عام 1888 مع الألماني هرتز (Hertz). وفي منتصف عام 1897 استطاع “ماركوني” Guglielmo Marconi المهندس والمخترع الإيطالي من تطوير جهاز لاسلكي يناسب الاستخدام في البحر. ثم استخدم اللاسلكي في أعمال الاتصالات بالمسرح البحري الأوروبي في عام 1901. ونتيجة لتزايد الاستخدام اللاسلكي، كان طبيعياً أن تظهر الشوشرة على الاتصالات اللاسلكية، وكانت في البداية شوشرة طبيعية، نتيجة لكثرة استخدام الأجهزة اللاسلكية، وهو ما يعرف بالتداخل البيني للموجات الكهرومغناطيسية عند إشعاعها بكثافة عالية في مساحة محددة، أو في مناطق مغلقة، مثل المضايق والممرات الجبلية. ومن هنا بدأ التدريب على العمل في ظل الشوشرة نتيجة الاستخدام اللاسلكي المكثف، ثم بدأ الاستخدام المتعمد للشوشرة؛ لإعاقة الاتصالات اللاسلكية بين الوحدات العسكرية المعادية؛ لإرباكها وشل سيطرتها على قواتها وأسلحتها. وفي عام 1904 قصفت السفينتان اليابانيتان الحربيتان “كاسوجا ونيشين” القاعدة البحرية الروسية في ميناء “آرثر” Arthur، وكانت معهما سفينة صغيرة تصحح النيران باستخدام الراديو “اللاسلكي”، وسمع أحد عمال “الإشارة” الروس، بالمصادفة، تعليمات تصحيح النيران، فاستخدم جهاز إرساله اللاسلكي في إعاقة الاتصال الياباني بالضغط على مفتاح الإرسال على تردد الشبكة اليابانية نفسها، مما عطل بلاغات تصحيح النيران من أن تُبّلغ لمدفعية السفينتين؛ وهكذا، لم ينتج عن هذا القصف البحري سوى إصابات طفيفة، لعدم دقة النيران في إصابة أهدافها. وحتى عام 1905، وخلال المعارك بين السفن اليابانية والروسية، استخدمت السفن الروسية الأسلوب نفسه ضد الشبكات اللاسلكية اليابانية، وانعكس ذلك في أن السفن الروسية استطاعت إخفاء اتصالاتها، قدر الإمكان، من طريق تقليل فترات استخدام اللاسلكي لأقل فترة ممكنة، وبأقل قدرة إشعاع لاسلكي تحقق الاتصال المطلوب، وكانت السفن الروسية تتنصت وتراقب الإرسال اللاسلكي الياباني، ثم تشوّش عليه أثناء القصف بهذا الأسلوب نفسه. وفي عام 1906 استطاع مكتب معدات البحرية الأمريكية من استحداث جهاز تحديد اتجاه لاسلكي؛ لخدمة الملاحة البحرية في البحر، وهو ما يعرف باسم “المنارة اللاسلكية” لإرشاد السفن، وتحديد مواقعها، وخطوط سيرها، مما كان له أثر كبير في مجالات الحرب الإلكترونية فيما بعد. وقد عم في العصر الحديث استخدام الترانزيستور بدلا من الصمامات الإلكترونية ، فبها تضبط شبكات الكهرباء كما تعمل الاتصلات بها من هاتف محمول وغيرها . ويضبط بها عمل الأجهزة العسكرية، من دبابات ومصفحات وطائرات و مدافع , وتعمل بالترانزيستور أجهزة اتصالاته و الرادار و اجهزة التصويب . ونظرا لأن الترانزيستور يعمل بجهد (فولطي) صغير، فهو بذلك عرضة للفساد والشوشرة بسبب حساسيتها المرتفعة للأمواج الكهرومغناطيسية ومن ضمنها أشعة غاما و الأشعة السينية . لهذا فكر كل من المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي غيرهم من الدول في اختراع وتنفيذ قنابل بسيطة تفسد عمل الترانزيسور على أرض العدو وفي ميدان القتال، تلك القنابل تنتج في المقام الأول أشعة كهرومغناطيسية شديدة فتشل بها جميع أسلحته . بل وتشل بها جميع شبكاته الكهربائية وشبكات اتصالاته المدنية وغيرها، فتعم الفوضى بين صفوفه القتالية وتنقطع الاتصلات وتعم الفوضى أيضا في بلاده إذ ينقطع التيار الكهربائي وخطوط الاتصالات والمواصلات .