لاتغضب ولا تبتئس ولا تيأس ولاتغتم ولا تحزن فأنت مدعو لحفل الجمال الرباني الذي إذا سطعت انواره في ذاتك محت عنك كل ظلمة واورثتك بهاء لايضاهي ونقاء لايقارن عليك فقط ان تكون مطيعا قريبا من الفتوحات متربصا للثمرة حين نضوجها. هنا أذكرك وأذكر نفسي بأوامر إلهية لاكلفة فيها ، ولكننا نغض الطرف عنها في ظل صراعنا المحموم علي الدنيا المقيتة وتمسكنا الدائم بكل ماهو زائل.. أحدثك اليوم عن ثمرات او جواهر وصفها الله بالجمال ، فهي تجمل وتزين كل من عمل بها ، هي درر أخلاقية يلزمنا جميعا التحلي بها لاستقرار المجتمع وتماسك بنيانه . * الثمرة الأولي (فاصفح الصفح الجميل ) فالصفح باعث علي إزالة الكره ومحو الاحتقان واذابة الرواسب الناشئة عن سوء الفهم وإساءة الأدب ، فأنت بصفحك تلقن المسيئ درسا دون أن تمتد يدك إليه بأذي ، فمتي يكون الصفح جميلا كما أراد الله ؟ يحدث ذلك حين يكون الصفح عن مقدرة علي إلحاق الضرر بالمعتدي وأن لا تكون في نفسك ضغينة تجاهه ، وأن تكون حريصا علي هدايته ، وأن لا يكون فعلك هذا نوعا من العجب والمباهاة ، وأن تقدم له النصح دون فضيحة ، وأن لاتشعره بفضلك عليه ، فإن بقي المسيئ علي حاله فأنت مطالب يتذوق الثمرة الثانية وهي :(فاصبر صبرا جميلا ) مازلنا في رحاب الجمال الالهي فثمرة الصبر ليست مرة كما تظنون ، فهي تلقي في القلب حلاوتها وتطفئ نار الغضب وترد كيد الشيطان الذي يجتهد بإيقاع العداوة بيننا ، فإذا لم يجد الفرصة سانحة انكفأ وخاب وخسر ، والصبر من اعلي مراتب الإيمان ، وقد امتدحه الله ووصفه بالجمال ليهيئ لنا اقبالنا عليه والتزود من معينه حتي لايصيبنا الجزع واليأس حين تجتاحنا المصائب او يقع علينا الاذي من البعض ، فإذا قدمنا الصفح واغدقنا الصبر ولم يرتدع المسيئ فخطوة نخطوها نحو الثمرة الثالثة وهي : ( واهجرهم هجرا جميلا ) فالهجر الجميل بعد ان أعيننا الحيلة كفيل بصون النفس عما يؤذيها ومنع للنفس من ارتكاب حماقة ضد الآخر ، ويكون الهجر جميلا حين لا يكون بدافع الهروب والخوف وإنما بدافع سد الذرائع ودرء المفاسد فلا ينال المسيئ ذما في عرضه او كرامته ثمرات ثلاثة وصفت بالجمال من رب الجمال فكيف يكون حال من اتصف بما ، حاله مع الله ، وحاله مع الناس ، وحاله بين الناس بعد ان تذوق كل هذا الجمال ؟ مااحوجنا إلي التقاط هذه الثمرات الجميلة والعمل بها في حياتنا اليومية لتعود بالخير علي المجتمع بأسرة وتنفيذا لأمر إلهي حتي نحظي برضاه عنا ونكون من المقبولين — دمتم بخير وللحديث تتمة