كتب /أيمن بحر محمد محسن السهيمي ترجع الحكاية إلى زمن الحرب العالمية الأولى عندما أصدرت الدولة العثمانية أمرا بإرسال فخري باشا إلى الحجاز بحجة حماية الأراضي المقدسة
عندما شعرت ببدء اقتراب الانتفاضة العربية ضد الاحتلال التركي
وصل فخري باشا إلى المدينة المنورة عام 1916 وبقي حتى 1919. عام 1917 أمر جنوده بنقل أثمن محتويات الحجرة في المدينة المنورة من ذهب ومصاحف نذكرها بالتفصيل في إحدى الحلقات المقبلة من سلسلة
تنشرها إندبندنت عربية عن نهب الحجرة النبوية مع وثائق أصلية تم جمعها وتعود لتلك الحقبة نقلت المحتويات على متن قطار من الحجاز إلى اسطنبول وكانت هذه واحدة من جرائم فخري باشا بحق الحجاز وأهل المدينة
الذين هجروا قسريا بناء على أوامره، ليهتم هو بعد ذلك بتسليح وتأمين الغذاء لجيشه ولم يسمح لمن بقوا بمطالبته بجزء من المؤونة، وهي جريمة عرفت بـسفر برلك
برر فخري باشا نقل المحتويات بأنه لحمايتها متعهدا بأن تعود لأصحابها بعد انتهاء الحرب. إلا أن الحقيقة أن نية الدولة العثمانية كانت إبقاء هذه المقتنيات في تركيا لكونها بحسب ما يعتبرون تعود للمسلمين جميعا ولا يجب أن ينحصر وجودها في الحجرة النبوية بالمدينة المنورة
أثناء توجه القطار في رحلته الأخيرة إلى اسطنبول حاملا المنقولات توقف في دينة دمشق وفتحت الصناديق الموجودة بداخله وسرق قسم كبير منها وتقول معلومات لا تتبناها إندبندنت عربية بأن بعض ما سُرق في ذلك الحين موجود في مكتبة الأسد بسوريا حاليا
تابع القطار طريقه محملا بأغلى وأثمن الأحجار النفيسة والمذهبات والمصاحف، حتى وصل إلى تركيا حاملا منقولات فخري باشا والدولة العثمانية. وحتى اليوم ما زالت المقتنيات التي كانت على متنه
أو القسم الذي لم ينهب أو يباع منها معروض في متاحف اسطنبول
عام 1918 انتهت الحرب العالمية الأولى بهزيمة الدولة العثمانية وألمانيا وبعد مرور 4 سنوات تم في منتصفها توقيع معاهدة سيفر التي اعتبرها العثمانيون آنذاك مذلة، بدأت عام 1922 مفاوضات التوقيع على معاهدة لوزان استمرت لأشهر تخللها فترات تم تعليق الاجتماعات فيها
تفاصيل ووثائق هذه المعاهدة الموجودة في أرشيف الدولة الفرنسية حصلت إندبندنت عربية على نسخة منها ستنشرها أيضا لاحقا، ولكننا سنكتفي اليوم بتقديم لمحة عامة عن المعاهدة وعرض الوثائق الرسمية البريطانية التي تحدثت عن رفض العثمانيين أكثر من مرة إعادة المقتنيات
تم توقيع معاهدة لوزان في 24 يوليو 1923 في لوزان بسويسرا بحضور مفوضين عن الإمبراطورية البريطانية وفرنسا وايطاليا واليابان واليونان ورومانيا وبلغاريا وروسيا ودولة السلوفينيين والكروات والصرب والجنرال عصمت باشا رئيس أول حكومة
تركية بعد إعلانها جمهوريةوقع إحدى الوثائق التي تنشرها إندبندت عربية في30 يناير 1923 اللورد كورزون وهو الحاكم البريطاني للهند في الفترة الممتدة بين 1899 و1905، وأسس خلال هذه الفترة إقليم البنغال الشرقي وآسام ثم تم تعيينه وزيرا للخارجية
بين عامي 1919 و1924 (الفترة التي تمت خلالها توقيع معاهدة لوزان) الوثيقة برقم 248 كتب في رأسها [هذه الوثيقة هي ملك لحكومة صاحب الجلالة البريطانية، ويجب إعادتها إلى وزارة الخارجية إذا لم تكن مطلوبة للاستخدام
الرسمي]، وجهها إلى مكتب الهند وطلب تأمين الدعاية هناك لرفض الوفد التركي مرتين إعادة الكنوز التي أخذتها الجيوش التركية من قبر النبي وتابع اللورد في الرسالة ممثلا الجانب البريطاني الذي طالب الأتراك خلال مفاوضات معاهدة لوزان إعادة مقتنيات الحجرة
النبوية لأصحابها هذه الأشياء التي كانت في جزء منها هدايا من الأمراء المسلمين الهنود والحجاج الهنود تم نقلها بموجب تعهد رسمي بوجوب إعادتها بعد الحرب ويشير الكلام إلى أن حجة الأتراك أنها أرسلت كهدية للخليفة، ولأنهم أطاحوا بالخليفة القائم عن طريق
العنف، فإن لهم الحق في الاحتفاظ بها للخليفة الجديد الذي سيختارونه. ووصف اللورد البريطاني ما قام به الأتراك بأنه فعل سوء النية والتدنيس وتوقع اندلاع احتجاجات شعبية ضد هذا الفعل
وختم اللورد رسالته ولكن في غضون ذلك، يجب أن يطلب بالتأكيد من نائب الملك نشر الحقائق، لأنه ما لم يتأثر المسلمون الهنود تماما بالحزب والشعور المناهض لبريطانيا، فإنه من المرجح أن تصدر من الهند صرخة غضب مماثلة لتلك التي صدرت من أستراليا في ما يتعلق بمقابر الحرب في غاليبولي
وفي وثيقة تحمل تاريخ 2 فبراير 1923 لم يتبين سبب توقيع اسم عصمت باشا في أسفلها، ولكنها مرسلة من الوفد البريطاني تعليقا على كلام الوفد التركي أمام اللجان. وحملت الوثيقة موضوع: قبر النبي، تعليقا على خطاب قدمه شكري باي أمام اللجنة الفرعية للجمسية والآثار
وجاء فيها بالإشارة إلى البيان الذي أدليت به في اجتماع اللجنة الثانية يوم 27 يناير، فيما يتعلق بالكنوز المنقولة إلى القسطنطينية عام 1917 يشرفني أن أذكر بأن حكومة صاحب الجلالة البريطانية لا يمكنها أن تعتبر بأن هذه المسألة أغلقت بإعلان الوفد التركي أنه ليس من اختصاصه التعامل معها
ويوضح المتحدث باسم الوفد البريطاني عدم قبول دولته بحجج الوفد التركي عندما نوقش هذا الأمر في اللجنة الفرعية للجنسية والآثار في 25 يناير، وفي اللجنة الثانية يوم 27 يناير. وتشير الوثيقة إلى أن الوفد البريطاني يعترف بأن الكنوز المعنية هي ملك للمسلمين بشكل عام
نضيف لكم هنا حرفيا ما جاء في إحدى الوثائق الفرنسية التي سننشرها لاحقا عن لسان شكري باي إن القطع المعنية هي قطع أثرية مقدسة تعود للجالية المسلمة وتخضع لتعاليم القرآن الكريم وأضاف كما يخضع دخول أو خروج
القطع المقدسة من الأماكن التي تعتبر مقدسة إلى التعاليم الدينية. لا يمكن تقدير ضرورة هذه التنقلات وامتثالها بالتعاليم المذكورة إلا من قبل علماء الدين المسلمين كما ولا يمكن تنفيذها إلا من قبل خليفة المسلمين كلام شكري باي أمام اللجنة الفرعية في 25 يناير استدعى تعليقا من الجانب البريطاني إذ جاء فيه بالتالي فإن الذين يعتبرون أنفسهم غير م