” جنون الكذب “
بقلم : محمد عتابي
هل ذهلت من كلام شخص يتحدث عن أمور غاية في الغرابة وجعلتك تتساءل هل يمكن هذا أن يحدث؟
حديث لشخص ربما رأيته للمرة الأولى وجعلك في حيرة من أمرك حول ما يتحدث عنه. إن مثل هذا الشخص لا يكذب كذباً عادياً (والكذب العادي عادة بشرية حيث يكذب معظم الناس في مرحلة ما من مراحل حياتهم)
أحياناً يعرف الشخص بأنه يعاني من هذه المشكلة ولكنه لا يستطيع التخلص من هذه المشكلة.
ولكنه لا يستطيع أن يفعل شيئا للتخلص من هذا الداء. لكن هل هذا الكذب المرضي يقتصر على الأشخاص البسطاء فقط. الإجابة بالقطع لا .
شخص أعرفه معرفة شخصية، يعاني من هذا الاضطراب، وحضرت في عدة مناسبات كان يتواجد فيها وكان يتحدث أحاديث خارقة للطبيعة، وأمورا خيالية عن قدراته الخارقة
في عمل الأشياء وكذلك علاقاته الوثيقة مع كبار المسؤولين ووجهاء المجتمع. كنت أستمع إليه ولأني أعرفه وأعرف بأنه يعاني من هذه المشكلة فإني كنت أتعاطف معه وأشعر بمدى الحرج الذي يواجهه أقاربه المقربون جداً، مثل أشقائه وأولاده.
لم ألحظ عليه أي تحسن خلال هذه السنوات، بل ربما يمكن أن أقول بأن حالته تزداد سوءاً. كنت أجلس معه وأسمع أحاديث خيالية لا أعرف كيف يتفتق خياله الخصب عن هذه الأحاديث.
كان يتحدث عن أعلى مسؤولين في البلد وكأنهم أصدقاء له يتعامل معهم بكل بساطة ويناديهم بأسمائهم المجردة ويتحدث عن قفشات
ويتبادل معهم النوادر والطرائف. يتحدث عن هؤلاء المسؤولين الكبار بأنهم أصدقاؤه المقربون،
كيف يتهرب منهم، وإنهم هم من يطاردونه ويلاحقونه. أحاديث لا يصدق بها إلا غير ذي عقل. كنت وأنا أستمع إليه أنظر إلى وجوه الجلوس في هذا المكان الذي يجمعنا
، فأرى الحرج بادياً على وجه الأشخاص المقربين منه وهم لا يعرفون ماذا يفعلون!. كانت مظاهر الضيق والحرج لا تخفى عن وجوههم.
عندما يوجه أحدهم سؤالاً إلى الأشخاص القريبين منه، يجد إحراجاً كبيراً في الإجابة على أسئلتهم.
يشعرون بالحزن في النهاية
هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الكذب المرضي المؤذي لمن يعانون منه وللذين يتعاملون معهم.
وللأسف الشديد اصبح الكذب من سمات الحياة حتي ان الشخص الصادق يتهمونه بالغباء الاجتماعي وان الجميع ربما ينفضون من حوله ويتركونه ويقتلون حول الكذاب المنافق .