هل أسلوبه الهجومى سيرتدعليه؟ أم أن أفضل وسيله للدفاع الهجوم الحملة شرسة بين الديمقراطيين والجمهوريين
ماذا سيحدث فى أول أسبوعين من شهر ينلير المقبل عندما تحال القضية الى مجلس الشيوخ؟. هل المشكلة دستورية قانونية أم سياسية بحتة؟ فى خطوة تاريخية
ـ إحالة ترامب للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ، أصبح دونالد ترامب ثالث رئيس أمريكى تتم مساءلته بعدما إتهمه مجلس النواب رسمياً بإساءة إستخدام سلطات منصبه
وعرقلة عمل الكونغرس فى خطوة تاريخية من شأنها تأجيج التوترات الحزبية فى بلد يعيش إنقسامات عميقة. أحال مجلس النواب الأميركى الرئيس دونالد ترامب الى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بتهمتى إستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس ليصبح بذلك
ثالث رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة يواجه إجراءً رسمياً لعزله. وسارع الرئيس الجمهورى (73 عاماً) إلى التنديد بالتصويت التاريخى الذى جرى ضدّه فى مجلس النواب متهّماً خصومه الديموقراطيين الذين يسيطرون
على المجلس بأنّهم مدفوعون بـالحسد والحقد والغضب ويحاولون إبطال تصويت عشرات ملايين الأميركيين الذين إنتخبوه رئيساً فى 2016.
فيما يستعد مجلس النواب الأمريكى للتصويت على قرار إتّهام تاريخى ضد الرئيس دونالد ترامب، شن الأخير إنتقادات لاذعة لرئيسة المجلس، مجدداً نفى التهم الموجهة له ومتهماً الديمقراطيين بـمحاولة إنقلاب غير قانونية
وبأغلبية 230 صوتاً مقابل 197 وإمتناع نائب واحد عن التصويت وافق مجلس النواب الذى يهيمن عليه الديموقراطيون على توجيه تهمة إستغلال السلطة الى الرئيس الخامس والأربعين
للولايات المتحدة. وبعدها بدقائق وجّه المجلس الى ترامب تهمة ثانية هى عرقلة عمل الكونغرس والتى أقرّت بأغلبية 229 صوتاً مقابل 198 وإمتناع نائب واحد عن التصويت
. وبموافقة مجلس النواب على هذا القرار الاتّهامى إنتقلت القضية الى مجلس الشيوخ الذى سيباشر محاكمة ترامب
فى كانون الثانى / يناير على الأرجح. غير أنّه خلافاً لمجلس النواب فإنّ مجلس الشيوخ يهيمن عليه الجمهوريون بأغلبية 53 سناتوراً مقابل 47 وقد سبق لهؤلاء أن أكّدوا أنّهم يعتزمون تبرئة ترامب من هاتين
التهمتين. لكن مع ذلك يبقى التصويت الذى حصل فى مجلس النواب تاريخياً، إذ إنّه فى تاريخ الولايات المتحدة بأسره لم يُحلْ الاّ رئيسين للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ،
هما آندرو جونسون فى 1868 وبيل كلينتون فى 1998 وقد برّئ كلاهما فى مجلس الشيوخ. أما ريتشارد نيكسون فإستقال فى 1974 قبل أن يصوّت مجلس النواب على إحالته إلى المحاكمة على خلفية فضيحة ووترغيت.
وللمفارقة فإنّه فى الوقت الذى كان مجلس النواب يصوّت فيه على إتهام ترامب كان الملياردير الجمهورى يلقى على بعد الف كيلومتر من واشنطن خطاباً أمام حشد من أنصاره فى تجمّع إنتخابى فى مدينة باتل كريك بولاية ميشيغان
. وسارع ترامب إلى التنديد بقرار مجلس النواب قائلاً بينما نحن نخلق الوظائف ونقاتل من أجل ميشيغان، فإنّ اليسار الراديكالى فى الكونغرس ينهشه الحسد والحقد والغضب وأنتم ترون ما يجرى الآن وأضاف أنّ “الديموقراطيين يحاولون إبطال تصويت عشرات
ملايين الأميركيين الذين إنتخبونى رئيساً فى 2016 متّهماً خصومه بأنّهم أقدموا لتوّهم على عملية إنتحار سياسى وأتى القرار التاريخى لمجلس النواب قبل أقلّ من عام من الإنتخابات الرئاسية المقررة فى تشرين
الثانى/نوفمبر 2020 والتى يعتزم ترامب خوضها للفوز بولاية ثانية. وبإستثناء عدد ضئيل للغاية فقد صوّت معظم النواب الديموقراطيين لصالح القرار الإتهامى ومعظم النواب الجمهوريين ضدّه،
فى حين شهدت الجلسة التى جرى فى نهايتها التصويت وإستمرت ساعات طويلة تبادل إتهامات بين الحزبين.
وقالت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسى بيلوسى عند بدء الجلسة إنّه من المأسوىّ أن تصرفات الرئيس الطائشة جعلت من الضرورى البدء بإجراءات العزل مضيفة ما نناقشه اليوم هو الحقيقة الراسخة بأنّ الرئيس إنتهك الدستور. ومن المؤكد كحقيقة أنّ الرئيس يمثل تهديداً مستمراً لأمننا القومى ونزاهة إنتخاباتنا
ونفى النائب الجمهورى داغ كولينز ذلك وقال الرئيس لم يرتكب خطأ مؤكّداً أنّ الديموقراطيين قالوا لأنفسهم، إذا لم نستطع هزيمته (فى الإنتخابات) فدعونا نحاكمه لعزله . الأميركيون سيرون ذلك بوضوح أما ديبى ليسكو الجمهورية
من أريزونا، فقالت إن ترامب يتعرّض لعملية هى الأكثر ظلماً وتحيّزاً سياسياً شاهدتها فى حياتى وأضافت لا يوجد أى دليل على أنّ الرئيس إرتكب مخالفة توجب العزل… هذه عملية
عزل هى الأكثر حزبية فى تاريخ الولايات المتحدة من ناحيته، قال النائب الديموقراطى آدم شيف الذى أشرف على التحقيق، إنّ الملياردير الجمهورى كان مستعداً للتضحية بأمننا القومى
(…) فى سبيل تعزيز فرصه فى إعادة إنتخابه واتّهم الرئيس بأنّه حاول أن يغشّ وإفتضح أمره مؤكّداً أنّ الخطر ما زال قائماً.
وكان ترامب إستبق الجلسة بالتأكيد على أنّه لم يرتكب أى خطأ وذلك غداة توجيهه رسالة الى بيلوسى شبّه فيها إجراءات العزل بـمحاولة إنقلاب. وقال الرئيس فى تغريدة على تويتر هل يمكنكم تصديق أنّه سيتم إطلاق إجراءات عزلى اليوم
من قبل اليسار الراديكالى (من قبل) الديموقراطيين الذين لا يقومون بشئ بينما لم أرتكب أى خطأ! إنه أمر فظيع مضيفاً يجب أن لا يحصل هذا الأمر مع أى رئيس آخر.
قال ترامب فى رسالة إستثنائية من ستّ صفحات مخاطباً رئيسة مجلس النواب إن “التاريخ سيحكم عليك بشكل قاس متّهماً الزعيمة الديموقراطية المخضرمة
بـإنتهاك ولائها للدستور وإعلان حرب مفتوحة ضد الديموقراطية الأميركية وردّت بيلوسى على ترامب بالقول إنّ رسالته مريضة حقاً. وترامب متّهم بمحاولة الضغط على أوكرانيا
لفتح تحقيق بشأن خصمه الرئيسى فى إنتخابات 2020 جو بايدن. وهو متّهم كذلك بعرقلة الكونغرس عبر رفضه التعاون مع التحقيق الرامى لعزله إذ منع موظفين من الإدلاء بشهاداتهم ورفض تقديم وثائق كأدلة.
وهناك إستقطاب حادّ بين الحزبين فى مجلس النواب إنعكس على إستطلاعات الرأى التى جرت مؤخراً. وقال 50 بالمائة ممن شملهم إستطلاع للرأى أجرته شبكة فوكس نيوز إنّهم يؤيّدون عزل ترامب من منصبه فى
حين أبدى 41 فى المائة رفضهم لعزله وفى إستطلاع آخر أجرته شبكة سى إن إن قال 45 فى المائة ممن شاركوا فيه إنّهم يؤيّدون عزل الرئيس بينما قال 47 فى المائة إنهم يرفضون ذلك. وفى إستطلاع ثالث أجرته شبكة أن بى سى وصحيفة وول ستريت جورنال أتت النتيجة متساوية بين 48% يؤيدون عزله و48%
يعارضونه. وفى مجلس النواب خاطر بعض النواب الديموقراطيين ممّن يمثّلون مناطق محافظة بخسارة الإنتخابات العام المقبل بتصويتهم لصالح عزل الرئيس، لكنّهم مع ذلك قرّروا الإصطفاف خلف حزبهم فى التصويت.
وسجّلت تظاهرات مؤيّدة لعزل ترامب فى عدة مدن بينها نيويورك وبوسطن ونيو أورلينز ولوس أنجليس. بالمقابل إعتبر أنصار لترامب فى باتل كريك إن ما يتعرض له الرئيس ظلم. وقالت إحدى مؤيّدات ترامب
وتدعى ويندى تيمرمان هناك رجل برئ يحاكم على كمّ من الهراء فى حين قال مؤيد آخر يدعى جو بونتراغر ليس لدىّ أدنى شك: هذه عملية إحتيال”!.