صحوة الموت الموتي لا يعودون للحياة مرة أخري وإن عادوا فهي إذن صحوة الموت و التي لا يعقبها إلا حسابا عسيراً. فمنذ أيام قليلة
مضت ارتفعت صرخات مدوية لبرلمانيين شاهرين رماح النقد موجهين سهامهم الي أداء الحكومة السلبي تجاه حل مشاكل الشعب.. مشهد لم يكن متوقعاً علي الإطلاق..
فهؤلاء النواب ساروا في ركاب الحكومة طيلة اربع سنوات لم يستخدموا فيها حق الاستجواب أو سحب الثقة أو الاعتراض
علي اغلب القوانين المقدمة من قبل الحكومة والتي جاء أغلبها إن لم تكن جميعها ضد رغبة الغالبية العظمي من الشعب أو أنها جاءت لتلبي مصالح شرائح معينة في المجتمع!!
هي إذن صحوة متأخرة بعد سبات عميق استمر طيلة أربع دورات برلمانية (اي ما يقارب ال1500 يوم) لم يكن سيناريو تلك الصحوة منصوصا عليه في السيناريو المكتوب
لأعضاء البرلمان بل جاء ارتجاليا بعد أن خرجت هتافات الجماهير في الشوارع لتضع الجميع في حالة اسف و حرج شديد
و بناءا عليه فقد دعا رئيس المجلس- و الذي تم إسناد دور البطولة له في هذا المشهد الدرامي- بتفعيل كل أدوات الرقابة البرلمانية لمحاسبة الحكومة!! صحوة ذكرتنا بنواب
البرلمانات الغربية في إنجلترا و ألمانيا و فرنسا وهم يؤدون دورهم بكل أمانة وشرف.
وهذا المشهد الأخير بما يحمله من متناقضات قد وضع البرلمان ذاته في دائرة الإتهام.. فالسؤال الذي يطرح نفسه في الشارع من هو المتقاعس عن حل المشكلات البرلمان ام الحكومة؟
و الجواب.. أن السلطة التنفيذية وفقا للدستور في يد الرئيس و حكومته أما البرلمان فهو القائم بالتشريع و الرقابة أي أنه المحرك الرئيسي للسلطة التنفيذية من خلال سن القوانين
و وسائل الرقابة. و السؤال بعبارة أخرى:هل مارس البرلمان دوره واستخدم صلاحياته لكي يلقي بالكرة في ملعب الحكومة؟! أم أن هناك ضغوطا ومصالح قد كبلت أيدي البرلمانيين؟!
الحقيقة أن دستور 2014 قد طالب البرلمان بسن وتعديل أكثر من 70 قانونا وحتي الآن لم ينجز سوي نصفهم وبصورة رديئة!! حتي صار دولاب العمل معطلا أو متوقفا في بعض
الأماكن انتظارا لذلك. ومنها قوانين غاية في الأهمية مثل (الملكية الفكرية.. المجالس المحلية.. العدالة الانتقالية.. مباشرة الحقوق السياسية.. مفوضية مكافحة التمييز.
ومنذ اليوم الأول لانعقاد البرلمان وحتى تلك الصحوة الزائفة فقد هاجم الكثيرون البرلمان لإختفاء دوره الرقابي و غياب حق الاستجواب وكأن مشكلات مصر في الزراعة و الصناعة
والتجارة و النقل و المياه و أسعار السلع والخدمات و الدواء و التعليم وغيرها قد حلت.. و الحقيقة أن البرلمان الحالي و الذي جاء اغلب أعضائه بالنظام الفردي تباهي فيه
العضو بإنتمائه للبرلمان و كأنه مؤسسة إجتماعية أو نادي يضم امرأة و مسيحي و ذوي الهمم وشباب وليس تيارات حزبية و سياسية لذا فلم نجد برلماني محنك أو مثقف أو علي علم بمدي
أن يكون ممثلا ومسئولا عن شعب!! و معظمهم عاجزون عن وضع استجواب جيد وكأن من يستوجب الحكومة يحط من قدر البرلمان أمام السلطة التنفيذية وهي تستعد لإعداد تصورها حول كوادر البرلمان القادم.
إن هذا الشعب اقوي من برلمانه لأنه تباطئ في القيام بمهامه التي نص عليها الدستور.. برلمان جاء بقانون انتخابات انعكس علي آداءه
و لائحته التي تعطلت وغلب عليها الطابع الإقصائي بتشكيل الأئتلافات و هيمنه الحزب الواحد و التقاعس عن أداء دوره الرقابي حتي وصل به الحال الي محاربة رئيس الجهاز المركزي
للمحاسبات في كشف الفساد!!. برلمان وافق علي أن( تيران وصنافير) ليست أرضا مصرية بعد أن حكم القضاء بأنها عكس ذلك تماما!! برلمان تسبب نظامه الانتخابي
في وجود شخصيات تسببت بدورها في رسم صورة سلبية للبرلمان جعلته ساقطا في عيون الرأي العام فبعض النواب يدخلون البرلمان و لديهم ميراث قديم بشأن حصولهم
على بعض الامتيازات مثل (تأشيرات الحج والعمرة – تأشيرات تعيين في بعض وزارات الدولة) برلمان أثرت المعارك و المناوشات التي تحدث تحت قبته علي العمل
وسرعة إنجاز المهام الملقاه علي عاتقه و ذلك بالانشغال في قضايا ثانوية و إهمال القضايا الرئيسية برلمان.. سار عكس بوصلة شعبه برلمان.. أقسم أعضاؤه بأغلظ الأيمان
أن يحافظوا مخلصين علي النظام الجمهوري وأن يحترموا الدستور و القانون وان يرعوا مصالح الشعب رعاية كاملة وان يحافظوا علي استقلال الوطن و وحدة وسلامة أراضيه.
إلا أن كلمات هذا القسم لم نجد لها أي صدي في نفوس هذا البرلمان الذي مازال في غفوة الحياة والتي فاقت صحوة الموت!!