مات نيرون و لم تمت روما
كان العهد الذي إعتلي فيه نيرون عرش روما عهدا مفعما بالطغيان مليئا بكل أنواع التخريب
.. ولكن أية فكرة تلك التي كانت تملأ خيال نيرون و تتلاعب بعقله عندما قرر حرق روما؟!!
هل كان يريد إزالة مدينة روما لأن تخطيها لم يكن يعجبه وكان يرغب في إعادة بنائها من جديد؟! لا أحد يعرف ما كان يجول بخاطره..
فهو الإمبراطور الخامس والأخير في عهد الإمبراطورية الرومانية و كان إبنا للإمبراطور (كلوديوس) بالتبني… حينما إعتلي نيرون
ذو السته عشر عاما العرش بدلا من الوريث الشرعي (بريتانيكوس)
كانت السلطة بيد والدته (اجريبينا)و عندما إشتد عوده أخذت عدوانيته تظهر شيئا فشيئا و إشتد الصراع بينه وبين والدته المسيطرة
على مقاليد الحكم و إنصرف إلي ليالي العربدة و المجون بل كان يتنكر في زي العبيد و ينزل إلي الطرقات
و يمارس دور قطاع الطرق!. في إحدي الليالي أخبره أحد أصدقائه بأن والدته تدبر له أمر لإسقاطه فدبر لها أكثر من طريقة للتخلص
منها.. وأخيرا نجح في قتلها و حرق جثمانها بواسطه أحد أصدقائه.. و بموتها ماتت بقايا الرحمة في قلب هذا الإبن العاق!!
.
أغرق نيرون روما في الفتنه فتدهور الوضع السياسي فيها و إزدادت عمليات الإغتيالات.
بعد فشله في السيطرة علي روما سيطرت عليه فكرة براعته في الغناء و التمثيل فحصد الكثير من الجوائز لعدم جرأة الحكام
علي معارضته خوفا من التنكيل بهم.
تعرض نيرون للعديد من محاولات الإنقلاب على حكمه و لكن بائت جميعها بالفشل وتم إعدام كل من حاول الإعتراض علي حكمه!.
من أعظم جرائم نيرون حرق روما و كانت الجريمة الأعظم علي الإطلاق فقد صور له خياله بأنه كي يقوم بإعادة بناء روما
من جديد فعليه حرقها أولا فقام بإشعال النيران أولا بقاعدة السيرك الخشبية لتنتشر ألسنه اللهب بعدها بسرعة في أنحاء روما
و استمرت النيران لمدة أسبوع لتترك عشرة أحياء متفحمة من أصل أربعة عشر حيا هي عدد أحياء روما. و إلتهمت النيران
الآلاف من الضحايا و كان نيرون بجبروته يترقب المشهد أثناء جلوسه مستمتعا بما يري علي برج مرتفع بينما تتعالي
صرخات الضحايا من جراء النيران التي كانت تلتهم الأجساد دون رحمة.
بعد ازدياد موجه السخط و الكراهيةعلي نيرون اخذ بالبحث عن كبش فداء فكان أمام خيارين الغضب أو بتوجيه أصابع الاتهام
إلى اليهود. أو الي المسيحية الدين الجديد. ولأن اليهود كانوا تحت حماية إحدي زوجاته فألصق التهمة بالمسيحيين
وأصدر أوامره بالقضاء عليهم عن طريق قتلهم و تقديمهم الي الوحوش
أو إحراقهم أحياء.
و إستمر هذا الاضطهاد لمدة 4 أعوام ذاق خلالها المسيحيين في المدينة كل صنوف العذاب و اشكال الموت البشعة.
و لكن الشعب أعلن أن نيرون عدوا لهم.. فما كان منه إلا أن أقدم علي الانتحار مخلفا وراءه فوضي عارمه.
لقد كان نيرون شريرا منذ طفولته تربي و نشأ في رعاية أمه منغمسا في الملذات المغلفة بالفساد الممتزجة بألوان مختلفة من الشرور
إذ كانت الملذات المعتاده من الناس لا تدخل السرور إلي نفسه الشريرة بل كان يجد اللذة في أنماط شريرة شاذة
من السلوك التي وصلت مداها في ذلك الخراب و التدمير و الإحراق لمدينة روما.
و ما أشبه الليلة بالبارحة فنيرون لم يزل موجودا ببعض بلادنا العربية و غدا يموت كل نيرون و يحيا وطننا العربي ذو راية واحدة ترفرف في سماه حرية و عدلا و كرامة إنسانية.