زمن الأبطال
رحم الله شهداء أكتوبر البواسل الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حماية الأرض والعرض فبفضل الله ثم بفضل هؤلاء الأبطال
عادت لنا أرضنا سالمة غانمة وهكذا أكد جيشنا لإسرائيل وللعالم بأسره بأنه هو الجيش الذي لا يقهر ،فقد عبر قناة السويس
ودمر خط برليف ومواقع الجيش الإسرائيلي وهزم العدو هزيمة ساحقة مما جعل رئيسة وزراء إسرائيل في ذلك الوقت
تقول “ليت الأمر إقتصر علي أننا لم نتلق إنذارا في الوقت المناسب ،بل إننا كنا نحارب علي جبهتين في وقت واحد
،ونقاتل أعداء كانوا يعدون أنفسهم للهجوم علينا منذ سنين “.كما قالت “سأظل أحيا بهذا الحلم المزعج لبقية حياتي
،ولن أعود نفس الإنسانة مرة أخري التي كانت قبل الحرب “.
كل أبطال أكتوبر يستحقون ذكرهم في صفحات التاريخ تكريما لهم علي ما فعلوا ،وحتي يقتدي بهم أطفالنا وشباببنا
ومن هؤلاء الأبطال العريف سيد زكريا الذي إستطاع وحده إيقاف كتيبة كاملة من الجيش الإسرائيلي ، بعد إستشهاد باقي
فصيلته في حرب أكتوبر ١٩٧٣ و اعتبر زكريا في عداد المفقودين في هذه الحرب ،وظلت هذه القصة في طي الكتمان 23 عام ،
الى أن إعترف مسئول بالسفارة الإسرائيلية بألمانيا و الذي كان جنديا في الجيش الاسرائيلي بهذه القصة في حفل للدبلوماسيين
عام ١٩٩٦، ووضح أن البطل سيد زكريا تسبب في تدمير ٣ دبابات للعدو الصهيوني
وقتل طاقمهم المكون من ١٢ جنديا، ثم قضي على سرية مظلات بها ٢٢ جنديا .
بعدها أرسل الجيش الإسرائيلي كتيبة صاعقة مكونة من 100 جندي وطائرة هليوكوبتر لمحاصرة المجموعة المتبقية من المصريين
وارسلوا نداءات للإستسلام، لكن قائد المجموعة وقتها رفض التسليم فإستشهد هو وباقي مجموعته ،وبقي على قيد الحياة
سيد زكريا و مجند آخر حتى إستشهد أحدهم وبقي سيد يحارب وحده ليلا حتى ظن الأعداء أنهم أمام كتيبة كاملة بعدها
تسلل جندي إسرائيلى لسيد من الخلف وأطلق على ظهره دفعة من الرصاص فأوقعه شهيدا . حينها لم يصدق أنه إنتصر
على ذلك البطل ،و بعدها إحتفظ بمتعلقات الجندي الجسور وقام بدفنه إكراما لشجاعته ثم أطلق في الهواء 21 طلقة كتحية عسكرية له .
تناقلت وسائل الأنباء العالمية هذه القصة بعدما حكاها المسئول الإسرائيلي وتم إطلاق “أسد سيناء ” علي زكريا ،و منحه نوط
الشجاعة من الطبقة الأولى كما اطلق أسمه على أحد الشوارع بمصر الجديدة تخليدآ له.
البطل الثاني الذي سألقي الضوء عليه هو العميد إبراهيم الرفاعي ،حيث يحكي أبو الحسن وهو أحد أبطال أكتوبر
قصة الثغرة وإستشهاد العميد إبراهيم الرفاعي فيقول :” كنا بعد كل عملية كأننا نولد من جديد فكنا ننزل في أجازة ،ولكن بعد الثغرة
عدنا إلي مقرنا وتوقعنا أن نحصل علي أجازة ولكننا وجدنا الرفاعي وقد سبقنا وفوجئنا أن هناك سلاح تم صرفه لنا وكله
مضاد للدبابات وكانت الأوامر أن نحمل السلاح علي السيارات ونعود مرة أخرى إلي الإسماعيلية ودخلنا الإسماعيلية
ورأينا الأهوال مما كان يفعله الإسرائيليون بجنودنا من الذبح وفتح البطون والعبور فوق الجثث بالدبابات، وكان العائدون
من الثغرة يسألوننا أنتم رايحين فين وكنا نسأل أنفسنا هذا السؤال .
كنت أجلس في آخر سيارة وكانت سيارة (الذخيرة) و ذلك كان خطرا كبيرا فأي كمين سيقوم بالتركيز علي أول سيارة
وأخر سيارة، ورأي أحد السائقين 3 مواسير دبابات إسرائيلية تختفي وراء تبة رمال وكانوا ينتظروننا بعد أن رأونا وكنا
متجهين لمطار فايد، وأبلغنا السائق باللاسلكي وصدرت الأوامر بالتراجع فنزلت من السيارة بسرعة لأننا كنا نسير فوق (مدق)
وحوله رمال وكان الإسرائيليون يزرعون الألغام بتلك الرمال فحاولت توجيه السائق حتى لا ينزل إلي الرمال وهو يدور بالسيارة
ولكن السائق رجع بظهره بسرعة وورائه بقية السيارات وعدنا للإسماعيلية وجاء أمر لنا بأن نعود لفايد مرة أخرى، فعدنا
وودعنا بعضنا قبل الدخول لأننا أيقننا أننا سنموت ،ودخلت السيارات تحت الشجر وقررنا أن نفعل شيء ذو قيمة قبل
أن نموت وفوجئ اليهود بما ليس في بالهم وبدأنا في التدمير و(هجنا هياج الموت) وصعد أربعة منا فوق قواعد الصواريخ
وكان الرفاعي من ضمننا وبدأنا في ضرب دبابات العدو حتي اخذوا يبحثوا عن قائدنا فلاحظوا أن الرفاعي يعلق برقبته
ثلاثة أجهزة إتصال فعرفوا أنه القائد وأخرجوا مجموعة كاملة من المدفعية ورأيناهم، فقفزت من فوق قاعدة الصواريخ
وقفز زملائي ولم يقفز الرفاعي وحاولت أن أسحب يده ليقفز ولكنه (زغدني) ورفض أن يقفز وظل يضرب في الإسرائيليين
حتى أصابته شظية فأنزلناه وطلبنا أن تحضر لنا سيارة عن طريق اللاسلكي وكنا نشك أن أي سائق سيحضر ولكن سائق
أسمه سليم حضر بسرعة بالسيارة ووضعنا الرفاعي فيها ولكن السيارة غرزت في الرمال فنزل السائق وزميله لدفعها
وقدتها ودارت السيارة ولم أتوقف حتى يركبوا معي من شدة الضرب الموجه لنا فتعلقوا في السيارة وسحبتهم
ورائي، وكان الرفاعي عادة ما يرتدي حذاء ذا لون مختلف عن بقية المجموعة وعندما رأي زملاؤنا حذائه أبلغوا باللاسلكي
أن الرفاعي أصيب وسمعهم اليهود وعرفوا الخبر وكانت فرحتهم لا توصف حتى أنهم أطلقوا الهاونات الكاشفة إحتفالاً بالمناسبة .
وأضاف أبو الحسن أن الرفاعي إستشهد في المستشفى وهو صائم.
رجال أكتوبر رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، ولذلك فأطالب وزارة التربية والتعليم بتدريس قصص هؤلاء الأبطال للطلاب
في المدارس كي يعلموا معني الرجولة الحقيقة …