صرخة ضمير
الضمير كلمة يسمع عنها الكثير، لكن لا يعيها إلا قلة من الناس التي مازالت متمسكة بدينها وأخلاقها، فنحن نعيش حاليا للأسف في زمن أصبح فيه الضمير عملة نادرة وكأن الدنيا هي دار الخلود ليحدث فيها كل تلك الصراعات .
أصبحنا نعيش في بؤرة تنتشر فيها السرقة والفساد والإنتهاز والطمع والطيعان، ونسي الكثير قول الله تعالي “وما الحياة الدنيا
إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون”صدق الله العظيم.
أنتشر في مجتمعنا الكثير من السلوكيات الخاطئة خلال الآونة الأخيرة والعجب كل العجب من أن ذلك المجتمع كان من أفضل
وأرقي مجتمعات العالم، فكيف تدهور بنا الأمر إلي ذلك و أين ذهبت الطيبة والإنسانية وأين ذهب الدين والضمير!
كل تلك الأسئلة تراودني عندما لا أجد الضمير في قلوب الناس التي قست قلوبهم .
فالضمير في حقيقته لاعلاقة له بالتعليم فالكثير من المتعلمين يقتلون ضمائرهم بأنفسهم علي عكس الكثير من البسطاء
الذين مازالت فطرتهم سليمة وضمائرهم حية لم يشوبها حب المال وحب الغرائز، وبالطبع تلك ليست قاعدة ثابتة
لكن الثابت أن الضمير الحي هو دستور كل إنسان نبيل، وليس معني ذلك أن من لدية ضمير لا يخطيء فالخطأ وارد عند كل البشر
فلسنا معصومين ، لكن الضمير هو الرادع الذي يردعنا عن ظلم الآخرين وعن سلب حقوقهم، وإن لم يستطيع أن يردعنا فهو
بعد ذلك يؤلمنا لما فعلناه خطأ في حق الغير، فعذاب الضمير شيء يدل علي وجود الإنسانية
أما موته فهو يدل علي موت الإنسان وتحوله إلى حيوان وحشي يفترس من حوله دون رحمة .
غرس الضمير في قلوب أطفالنا في المدارس وفي البيوت أمر واجب فمن الضروري تدريس الضمير قبل دراسة المناهج العلمية
وقبل الحث علي الصلاة والصوم، فالضمير هو أساس كل شيء وبدونه لا فائدة من أي شيء فضمير حي أفضل من
علم يشوبه القسوة والظلم، ويجب أن نعلم أن تقدم الأمم كان بسبب وجود الضمير فيها حتي وإن كانت تلك الأمم
لا دين لها فكما قال الشيخ محمد عبده رحمه الله عندما زار أوروبا: “ذهبت للغرب فوجدت إسلاما ولم أجد مسلمين
، ولما عدت للشرق وجدت مسلمين لكني لم أجد إسلاما” وتلك الحقيقة فاجعة للأسف .
فياليتنا نطبق قواعد الإسلام وننظر إلى ضمائرنا قبل فوات الأوان حتي نتقدم بمجتمعنا إلى الأفضل فليست المشكلة في مصر
هي الجهل أو الفقر أو البطالة بل أن المشكلة الحقيقية هي إنعدام الضمير .