بقلم | د. طلق المسعودي
متابعه اعلامية /أيمن بحر
لقد زُرت بالصدفة مطار الملك عبدالعزيز الجديد في مدينة جدة، ولقد بُهرت بالفعل من فخامة البناء وجمال التنظيم
وروعة الابتكار الهندسي الذي قام عليه مشروع المطار الجديد، وشعرت بالفخر في حقيقة الأمر عندما رأيت مثل هذه التحفة
المعمارية تزهو في بلدي الحبيب، لتُشكل واجهة مُشرفة لجميع القادمين من خارج البلاد الى هذه الارض المباركة.
ولكنني في ذات الوقت تمنيت لو كان هناك اهتمامًا يوازي هذا الاهتمام الذي رأيته بمطار جده الدولي ، فمكة تُعتبر
الوجهة الأولى للعالم الإسلامي، والخيار الأول للسياح المسلمين في الداخل والخارج، فكان من الأجدر انشاء مطار دولي
خاص بمكة المكرمة خارج حدود الحرم، ويرتبط مباشرة بشبكة سكك قطار المشاعر والحرمين ،كما أنني أرى أنه لا
يليق بمقام مكة المكرمة وهي عاصمة العالم الإسلامي وعاصمة المملكة العربية السعودية المقدسة ان لا يكون فيها مطار
دولي إسلامي خاص بها، أضف على ذلك لماذا يتكبد أهالي مكة المكرمة عناء السفر لجده وقطع أكثر من ١٢٠ كيلو من أجل السفر والإقلاع من هناك؟
بالإضافة للمخاطر التي قد يتعرضون لها جراء السرعة التي قد يضطرون لها من أجل اللحاق بالرحلة في موعدها .
وعلى الرغم من إنشاء مطار جده الجديد إلا أن انشاء مطار دولي آخر في مكة المكرمة وخارج حدود الحرم لا يتعارض
معه بتاتاً ، فالمملكة مقبلة على نهضة سياحية وسكانية هائلة في السنوات القادمة .
لقد بات أهالي مكة المكرمة سنوات طويلة وهم ينتظرون ذلك الحلم الذي طال إنتظاره ، والآن ومع هذه الرؤية
المباركة ومع تشكيل هيئة عليا لتطوير مكة المكرمة نتمنى أن نرى ذلك الحلم واقعاً ملموساً على أرض الواقع .
وأنني على يقين كامل بأن الحُلم قد أقترب تحقيقه ليتوفر لمكة المكرمة منظومة نقل اسلامية متكاملة تتسم بالروحانية
والابداع العمراني الاسلامي في ذات الوقت، وهذا الامر سيكون له تأثيرين عظيمين في مجالين مهمين جدًا:
اولهما توافقيته التامة مع رؤية ٢٠٣٠ والتي تهدف لرفع عدد المعتمرين القادمين لأداء العمره سنويًا الى ٢٥ مليون معتمر
، ناهيك عن الأعداد الكبيرة للحجاج في كل عام والمتوقع مضاعفتها خلال الأعوام القادمة الى ١٠ مليون حاج
في كل عام ،وهذه الأعداد الكبيرة ستشكل ضغطًا هائلاً على مطار جدة، حيث أن أغلب القادمين للعمرة عبر المطار
يتوجهون لمكة المكرمة كخيار أول من أجل اداء العمرة وبعد اداءها يتوجهون الى المدينة المنورة ، بينما لو كانت
الوجة المُباشرة الى مكةً المكرمة فإن ذلك سيسمح للكثير من المسلمين اختيار وجهتهم مباشرة دون المرور بجدة والبحث عن وسيلة مواصلات اخرى.
اما ثانيهما فإن التطور العمراني والهندسة المعمارية التي وصلت لها المملكة العربية السعودية في جميع مبانيها
وشوارعها وطرقاتها، يُمكنها من تحويل مكة المكرمة إلى اعجوبة هندسية إسلامية تخطف انظار كُل من أخذهم الشوق
لرؤياها، وبذلك تكون مكة المكرمة هي الوجهة الاسلامية المشرفة التي لا ينسى زائروها مدى الاثارة التي حصلوا
عليها من جراء زيارتهم تلك، والتي بالتأكيد سيتطلعون لتكرارها، بعكس لو كانوا يمرون بعدة محطات قبل وصولهم إليها .
إني ارى ومن خلال لقاءاتي مع بعض المعتمرين من الخارج، مدى المشقة التي يجدونها من جراء التنقل بين جدة ومكة
فقط لان مكة المكرمة لايوجد بها مطار، ولا ارى ان شركات الطيران ستكون عائقًا امام ذلك، فلو خُصص مطار خارج
حدود الحرم لمكة المكرمة ، فسيكون ذلك تطورًا اسلاميًا
عظيمًا اتطلع له بالفعل في اطهر بقاع الدنيا مكة المكرمة.
قد يقول قائل بأن مطار جده الجديد وربطه بقطار الحرمين سيحل إشكالية مشقة الحاج في انتقاله لمكة ، وهنا أقول
لن يحل ذلك المشكلة جذرياً بل سيخفف من حجم المعاناة السابقة مع بقاءها ولكن بشكل أخف نوعاً ما .
وهنا يتبادر الى ذهني سؤال اليس من حق مكة وأهلها وساكنيها أن يكون فيها مطار ينطلقون منه الى شتى أقطار العالم
؟، لقد أطلق أميرنا المحبوب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل شعار بناء الأنسان والمكان معاً وعمل جاهداً
لتحقيق ذلك على أن تصبح مكة في مقدمة دول العالم تقدماً وتطوراً ، ولا يخفى على سموه أن أول مؤشرات التطور
والتقدم للمدن وبل للدول هي المطارات ، فاذا كانت مطاراتها في مستوى يليق بها فستكون عنواناً يعبر عنها ، فما بالك
أن مكة لا يوجد بها أصلاً مطار عوضاً عن مستوى ذلك المطار ،فكيف تصبح مكة المكرمة في مصاف المُدن المتقدمة وليس بها مطار ؟