همسات ..
الحب .. عطاء دون حدود
بقلم : د. لبنى زيدان
يٌطلق الوليد صرخته الأولى معلناً الاحتجاج عن خروجه من بيئة هادئة ، دافئة ، والأكثر أهمية أنها آمنة ، ولكن تلك الصرخة
تبقى كامنة في عمق كل واحد منّا ، وتبدأ الرحلة بالبحث عن الحب
من خلال كلمات مطمئنة ، ولمسات شافية لتكون بلسماَ لجروج جسدية أكانت أم نفسية .
والكثير من الاضطرابات الجسدية والنفسية تعتبر بمثابة رد فعل
عن شعور الانسان بأن لاقيمة له ، أو بسبب عدم القدرة
على التحرر من الخوف الذي يكبت الكثير من المشاعر ويمنعنا من الحركة
في الاتجاه الصحيح . و الحب في تعريفه الشمولي
هو تواصل و عطاء دون مقابل.
الحب يتدفق مثل شلال من أعلى الجبال ، قد يتعثر طريقه الأساسي
أمام صخرة كبيرة ، ولكنه لا يتوقف بل يتابع المسير ليروي الأرض العطشى في الأماكن المجاورة .
الحب الذي يتدفق في كل الاتجاهات لا يقتصر على الشخص القريب
بمفهومه الضيق ، بل يمتد ليشمل الجار والصديق والزميل ،
و كل انسان محتاج ، لأن الحب هو عطاء ، وهذا هو أسمى أشكال الحب وأصدق
تعبير عن نقاء الروح التي لا تشوهها مساحيق التجميل والمظاهر الخادعة.
الحب هو النور الذي ينبعث من الداخل لينير الظلمات ، كيلا يتعثر من يعبر الطريق أياً كان عابر السبيل ، و دروب الحياة –
بكل أسف – مليئة بالمطبّات ، وكيلا نفقد الاتجاه في رحلة لا يمكنك أن تشعر بقيمتها لوحدك عليك أن تعطي و تحب دون حدود ،
ففي كثير من الأحيان تكون جالساً بقرب من تحب ، وتسمع أغنية عن الشوق ، فتتفاعل معها وكأن من تحبّه تفصلك عنه
مسافات شاسعة ، لأن الحب الذي نشتاقه في الكبر هو امتداد وانعكاس للحب الذي يبحث عنه الوليد حينما يطلق صرخته الأولى دون صدى .
إنه الخوف من الحرمان ، في زمن متسارع متصارع ، و ضمن علاقات متشابكة حيناً، متنافرة حيناً أخرى دون سبب واضح .
وفي هذا الزمن نبحث عن شخص يسمعك ليفهمك ، ولكي يكسر الشعور بالوحدة ، شخص يستطيع أن يفهمك
في كل تناقضاتك ، في قوتك كما في ضعفك ، لكي تكتشف قوة الحياة فيه وبنفسك .
الحب لا ينمو في زمن الخوف ، و هو طاقة خلاقة يضفي على حياتك مزيداً من الحياة .
أن تحب يعني أنك تكتشف قيمة الحياة من خلال تواصلك الفعال مع الآخرين ، وأن تتصف بالتسامح ، و العطاء دون حدود.
همسة
نحتاج للحب كما الكلمات الطيبة ، ولقطرة الماء التي تروي حينما تكون الغصة جارحة “