قراءة في التعديلات الدستورية
إستفتاء علي حزمة من التعديلات لدستور لم يجف حبره. ولم تقنن
معظم مواده. ولم يتم تفعيله برغم موافقة ٩٨%ممن صوتوا عليه من المصريين في يناير ٢٠١٤.
تعديلات اختلفت حولها الآراء و الميول و المبررات فهناك المؤيد و هناك الرافض وما بين هذا وذاك يقبع الكثير من أبناء
هذا الشعب أسري الشقاء و الغلاء و لقمة العيش وعدم الإهتمام بماهية تلك التعديلات. وهناك من يعلن رأيه جهارا بمؤتمرات
و ندوات وتزيين الميادين و الشوارع بلافتات التأييد في غياب تام لمعارضة حقيقية و عدم وجود أي استطلاعات رأي
تبرهن علي عنصر الشفافية التي تتمتع به الدول التي تسعي نحو الديموقراطية
كما أن الحوار المجتمعي دار بشكل صوري وفي ظل حالة الطوارئ!! . ومهما كان من الأمر فهناك فجوة كبيرة بين فلسفة
الرفض ومبررات التأييد
فالمؤيد لتلك التعديلات يري أن خبراء الدستور و القانون إتفقوا
علي أن أي دستور يتم وضعه في حالة عدم استقرار يحتاج الي إعاده نظر بعد إستقرار الدولة وأن ثمة دساتير مهما كانت
واضحة و دقيقة لمن وضعوها فإنها تتعرض للتعديل لأهداف ودوافع متعددة تتلائم مع ظروف الدولة و التحديات التي تواجهها
و مقتضيات إستمرار برنامج الدولة في التنمية و البناء. وتشير السوابق التاريخية الي أن تعديل الدستور هو ممارسة مصرية
عرفها النظام السياسي عبر تاريخه الملكي و الجمهوري.
وقد عدد المؤيدون بعض المبررات لذلك ومنها :الحد من التبديد السياسي
والإداري و المالي الذي تسببه الانتخابات الرئاسية المتكررة كل ٤ سنوات. كذلك الظروف التي تمر بها مصر علي المستوي
الداخلي حيث تخوض الدولة حربا ضروسا في سيناء ضد معاقل الإرهاب الأمر الذي أودي بحياه ضحايا بالآلاف من الطرفين
وعلي المستوي الإقليمي تتعرض المنطقة لحالة من الغليان و عدم الاستقرار مما يلقي بظلاله علي الأمن القومي و الإقليمي
.. كذلك ذكر المؤيدون أن ما تقوم به الدولة من تعديلات دستورية ليس خروجا علي التقاليد و الأعراف الدستورية
علي المستوي العالمي وأن ثمة ظروف تاريخية تقضي بعدم ملائمة تبني النظام البرلماني للدول السائرة في طريق النمو
ولذا يكون الاتجاه صوب تعظيم الثقل المؤسسي لرئيس الدولة أمرا منطقياً.
بل ذهبوا بعيدا في مبرراتهم وقالوا إن فكرة الديموقراطية قد لا تكون مناسبة لطبيعة المرحلة السياسية التي تمر بها الدولة!!.
وقد أجمع المؤيدون علي أن تلك التعديلات جاءت حرصا علي تحقيق و إستمرار الاستقرار والحفاظ على الأمن القومي
المصري وان زيادة مدة الرئاسة ل٦ سنوات الغرض منها منح الفرصة الكافية لاستكمال المشروعات التي بدأت الدولة
تنفيذها وتحتاج لفترة طويلة للإنتهاء منها وان هذة التعديلات تضمن التمثيل المناسب للمرأة و الشباب و الأقباط و ذوي الاحتياجات
الخاصة و العمال و الفلاحين في الاستحقاقات الانتخابية القادمة. وفي إشارة الي طمأنة الرأي العام أكد المؤيدون
أن تلك التعديلات الدستورية جميعها لا تمس الحريات وحقوق المواطن
وعلي الضفة الأخري يري الرافضون لتلك التعديلات أن الدستور هو آداة لضبط سلوك المجتمع من خلال بسط سلطان القانون
لإقامة منظومة العدل ودعم الإستقرار و التحول الديمقراطي و التغيير السلمي للسلطة. لذلك يري الرافضون
أن تلك التعديلات الدستورية كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى لأنها تخالف المادة ٢٢٦من دستور ٢٠١٤ والتي تنص
علي (لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بمبادئ الحرية و المساواة المنصوص عليها ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات)
ويري أصحاب هذا الرأي أن التعديل يبعث برسائل سلبية للعالم تجاه البرلمان المصري.و أن تلك التعديلات ستمنع أي اصطفاف وطني في المستقبل.
و قال البعض منهم :أن تلك التعديلات جاءت في الإتجاه الخطأ في الوقت الذي إنتظر الشعب من برلمانه تفعيل قوانين
العدالة الاجتماعية و التعليم و الصحة وقد برروا رفضهم بأن تمرير تلك التعديلات يعني موت ثورة يناير والتي حققت لهم
مبدأ (تداول السلطة) ذاك المبدأ الذي استشهد من أجله المئات و الذي لم تشهده الحالة السياسية للبلاد منذ انتهاء الحقبة
الملكية. كما أن تلك التعديلات الدستورية ستعظم من سلطة الرئيس علي حساب السلطتين القضائية و التشريعية بما يخل
بمبدأ الفصل أو التوازن بين السلطات .وأدرك الرافضون أن التعديلات التي تخص المرأة وتمثيل الشباب و الأقباط
و العمال و الفلاحين في الاستحقاقات الانتخابية القادمة ما هي إلا حبات الكريز التي يتزين بها التعديل الجوهري
الذي يخص مدة الرئاسة ومده الي ٦سنوات بدلا من ٤
وفي نهاية الأمر فالرأي الأخير للشعب و هو وحده صاحب القرار!!.