تلك الصور التي إلتقطتها الكاميرا
علي إستحياء ليست مجرد لقطة لمشهد من مسرحية البؤساء أو لمشهد من كواليس فيلم سينمائي يستعد فيه البطل لإكمال التصوير
بعد أن وضع له الماكيير اللمسات الأخيرة كي يبدو متسولا. ولكنها
وللأسف صورة حقيقية حدثت وتحدث يومياً علي مرأي و مسمع من الجميع.
و الحقيقة أن معظم أبطال تلك الروايات المأساوية من مختلف الأعمار السنية
أطفالا ونساءا ورجالا. والأسباب التي أدت إلي انتشار ظاهرة
التشرد كثيرة ولكن أهمها القرارات الاقتصادية والاجتماعية التي يتخذها أصحاب القرار في هذا الوطن دون مراعاة لطبيعة
و لخصائص الطبقات الدنيا في هذا المجتمع و أهمها ضيق اليد والجهل و المرض.
فهذا الرجل علي سبيل المثال. يبدو أنه لجأ الي الشارع ليتخذ منه سكنا وعنوانا بعد أن تخلي عنه أقرب الناس إليه أو لعله هام علي وجهه
أو ذهب أينما يقوده عقله واي ما كان السبب فليس هناك مبررا لكي يتركه المجتمع أو أجهزة الدولة المعنية بهذا الأمر لأنه قبل أن
يكون مواطناً في دولة فهو إنسان له حق الكفالة و العيش الكريم
و قد رأي هذا الرجل الذي افترش الأرض أن صخورها وحصاها أحن عليه ممن حوله من البشر ورأي أيضا أن سقف السماء وإن أمطرت
سيولا فهي سترا عليه من نظرات الناس حينما يمرقونه بسخرية وجفاء وأحيانا يجد في أعينهم نظرات الخوف من ملامحه
والتي جعلته يبدو و كأنه احد سكان الكهوف في الأزمان الغابرة.
فعلي الأجهزة المعنية في الدولة أن تتحرك في الاتجاه الصحيح وتفتش عنهم في محطات السكك الحديدية و الحدائق العامة و بجوار المدافن
و أرصفة الشوارع. كذلك علي الأخصائيين الاجتماعيين و النفسيين بحث تلك الظاهرة دراسة علمية قائمة علي الاستقصاء و التحليل
و صولا الي أسباب الظاهرة وانتهاءا الي وضع الحلول الجذرية أمام المشرع القانوني
كي ينتبه وهو يسن القوانين و يصدر القرارات الاقتصادية
والاجتماعية الصحيحة والتي من شأنها الحد و القضاء علي مشكلة الفقر
وضيق اليد والتي هي السبب القوي و المباشر لتزايد ظاهرتي
التسول و التشرد. ولا يستثني المجتمع من تلك المسئولية فجميع الجمعيات الخيرية وجمعيات حقوق الإنسان معنية أيضا بالتدخل
والمساهمة في حل تلك الظاهرة والتي يجب أن تختفي في عالمنا الإسلامي و الذي تحتوي تعاليمه علي افضل الحلول لعوده
هؤلاء المشردين ودمجهم في المجتمع مرة أخري وبلا رجعة.
وعلي الجميع أن يعي أن مجرد إطعامهم أو كسوتهم أو امدادهم بالبطاطين أو حتي إيجاد مأوي مؤقت لهم ليس سوي مسكنات
ثمنها بعض الصور التي تلتقطها عدسات الكاميرات لتحكي زورا وبهتانا أن المشكلة قد إنتهت علي يد هذا الحزب أو تلك المؤسسة.
والحل ابسط وأعمق من ذلك لو قرأنا الدستور جيدآ.