كتب : سامي كرم
ربما يتذكر البعض الفيلم السينمائي الشهير “في بيتنا رجل”، الذي كان يحكي عن نضال الشعب المصري للاستقلال في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، لكن قليلا لفت انتباهه أول مشهد في هذا الفيلم الكلاسيكي الفريد.
ذلك المشهد الذي كان طلاب جامعة القاهرة يتجمعون متوجهين في مظاهرات عابرة انطلقت على كوبري عباس بالجيزة، وفجأة مع تزايد أعداد المتظاهرين تم فتح الكوبري عليهم حتى تُجهض التظاهرات، وأوقعت جزءا كبيرا منهم فينهر النيل غرقا.
الحكاية بدأت في مثل هذا اليوم 9 فبراير في عام 1946 عندما أصدرت اللجنة التنفيذية العليا للطلبة ـ وكانت بمثابة الاتحاد العالم للطلاب ـ قرارًا بدعوة الطلاب لعقد مؤتمرات عام يوم 9 فبراير لمناقشة حالة البلاد في ظل الاحتلال وهاجمت مبدأ الدفاع المشترك مع بريطانيا الذي يحمل معنى الحماية الاستعمارية وطالبت بعدم الدخول في المفاوضات إلا على أساس الجلاء التام.
وانعقد المؤتمر العام الأول في يوم 9 فبراير 1946 في جامعة فؤاد الأول ـ جامعة القاهرة حاليًا ـ بالجيزة وشارك فيه كثيرون من طلبة المعاهد والمدارس، وعم الاجتماع شعور بالوحدة وأعلن المؤتمر اعتبار المفاوضة عملا من أعمال الخيانة يجب وقفه، وطالب بإلغاء معاهدة 1936 واتفاقيتي 1899 الخاصتين بالسودان وضرورة جلاء القوات البريطانية فورًا.
أكثر من مائتي شهيد وجريج
بعد هذا خرجت من الجامعة أضخم مظاهرة عرفت منذ قيام الحرب العالمية الثانية فعبرت شارع الجامعة ثم ميدان الجيزة إلى كوبري عباس وما إن توسطته تم فتح الكوبري عليها وبدأ الاعتداء على الطلبة فسقط البعض في النيل وقتل وجرح أكثر من مائتي فرد، وفي ذات اليوم حدثت مظاهرة في المنصورة أصيب فيها 7 شبان و3 جنود واعتقل أربعة كما اعتقل عدد من الشبان في أسوان وفي اليوم التالي عمت المظاهرات القاهرة والأقاليم.