مقال للكاتب : محمد علي
-نائب رئيس حزب الشعب الديمقراطي وأمين عام الثقافة
مقدمة :
لكل مجتمع خصوصية تعكسها ثقافته السائدة بين أبنائه، تلك الثقافة التي تطورها مجموعة القيم والمفاهيم والمعارف
التي اكتسبها عبر ميراثه التاريخي والحضاري وواقعه الجغرافي والتركيب الاجتماعي وطبيعة النظام السياسي والاقتصادي
، فضلاً عن المؤثرات الخارجية التي شكلت خبراته وانتماءاته المختلفة. والثقافة السياسية هي جزء من الثقافة العامة للمجتمع..
وهى تختلف من بلد لآخر حتى لو كان شعباها ينتهجان نفس الأساليب الحياتية، وينتميان إلى نفس الحضارة
تعريف الثقافة السياسية
———————
يقصد بالثقافة السياسية : مجموعة المعارف والآراء والاتجاهات السائدة نحو شؤون السياسة والحكم، الدولة والسلطة، الولاء
والانتماء، الشرعية والمشاركة. وتعنى أيضاً منظومة المعتقدات والرموز والقيم المحددة للكيفية التي يرى بها مجتمع معين الدور
المناسب للحكومة وضوابط هذا الدور، والعلاقة المناسبة بين الحاكم والمحكوم. ومعنى ذلك أن الثقافة السياسية تتمحور حول
قيم واتجاهات وقناعات طويلة الأمد بخصوص الظواهر السياسية، وينقل كل مجتمع مجموعة رموزه وقيمه وأعرافه الأساسية
إلى أفراد شعبه، ويشكل الأفراد مجموعة من القناعات بخصوص أدوار النظام السياسي بشتى مؤسساته الرسمية وغير الرسمية
، وحقوقهم وواجباتهم نحو ذلك النظام السياسي. ولما كانت الثقافة السياسية للمجتمع جزءاً من ثقافته العامة، فتتكون
بدورها من عدة ثقافات فرعية، وتشمل تلك الثقافات الفرعية: ثقافة الشباب، والنخبة الحاكمة، والعمال، والفلاحين، والمرأة..
الخ. وبذلك تكون الثقافة السياسية هي مجموع الاتجاهات والمعتقدات والمشاعر التي تعطى نظاماً ومعنى للعملية السياسية
، وتقدم القواعد المستقرة التي تحكم تصرفات الأفراد داخل النظام السياسي، وبذلك فهي تنصب على المثل والمعايير السياسية
التي يلتزم بها أعضاء المجتمع السياسي، والتي تحدد الإطار الذي يحدث التصرف السياسي في نطاقه. أي أن الثقافة السياسية
تدور حول ما يسود المجتمع من قيم ومعتقدات تؤثر في السلوك السياسي لأعضائه حكاماً ومحكومين. وعلى ذلك
يمكن تحديد عناصر مفهوم الثقافة السياسية على النحو التالي:
1. تمثل الثقافة السياسية مجموعة القيم والاتجاهات والسلوكيات والمعارف السياسية لأفراد المجتمع.
2. الثقافة السياسية
ثقافة فرعية. فهي جزء من الثقافة العامة للمجتمع تؤثر فيه وتتأثر به، ولكنها لا تستطيع أن تشذ عن ذلك الإطار العام لثقافة المجتمع.
3. تتميز الثقافة السياسية بأنها متغيرة. فهي لا تعرف الثبات المطلق، ويتوقف حجم ومدى التغير على عدة عوامل من بينها
مدى ومعدل التغير في الأبنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ودرجة اهتمام النخبة الحاكمة بقضية التغير الثقافي
، وحجم الاهتمام الذي توليه وتخصصه الدولة لإحداث هذا التغيير في ثقافة المجتمع، ومدى رسوخ هذه القيم في نفوس الأفراد.
4. تختلف الثقافة السياسية بين مجتمع وآخر كما تختلف من فرد لآخر داخل المجتمع. هذا الاختلاف تفرضه عوامل معينة
كالأصل ومحل الإقامة والمهنة والمستوى الاقتصادي والحالة التعليمية
الثقافة السياسية والنظام الحزبي :
——————————–
المقصود بالنظام الحزبي مجموع الأحزاب التي تتفاعل في ما بينها ضمن نظام سياسي في بلد محدد، وقد تكون علاقاتها تنافسية
حيناً وتعاونية حيناً آخر هذه العلاقات تتأثر وتؤثر في الوقت ذاته بالنظام السياسي القائم وبهيكله، وبالمنظومة القانونية
قيد التطبيق، وتحديداً تلك التي لها وقع مباشر على الأحزاب، كالقوانين الانتخابية وقوانين الأحزاب.
مثال على عدم الفهم السليم للثقافة السياسية :
——————————————
طغيان الدور الخدماتي على مجمل نشاطات النواب على حساب الدور التشريعي، وقيامهم في مواضيع ومجالات كثيرة مقام
السلطات المحلية، معطلين دورها وحائلين دون إصلاح اللامركزية الإدارية، وذلك للحفاظ على العلاقة الزبائنية التي تربطهم
بقواعدهم الانتخابية المحلية، وعلى عدم توفر سلطات محلية بديلة ومنافسة تلبي حاجات المواطنين من حيث أنها حق مكتسب لهم.
فيقتصر دور غالبية النواب داخل البرلمان على المطالبة بأمور خدماتية لدوائرهم معتبرين ذلك، عملاً تشريعياً ومساهمة منهم في صناعة السياسات العامة.
مكونات الثقافة السياسية
يمكن الحديث عن مجموعة من العناصر أو المكونات للثقافة السياسية سواء تلك التي تتبناها الدولة (ثقافة الحكام) أو الثقافة
الرسمية وتلك السائدة لدى أفراد المجتمع (المحكومين) والتي تسمى الثقافة غير الرسمية ومن هذه المكونات :
1. المرجعية: وهى تعنى الإطار الفكري الفلسفي المتكامل، أو المرجع الأساسي للعمل السياسي، فهو يفسر التاريخ،
ويحدد الأهداف والرؤى، ويبرر المواقف والممارسات، ويكسب النظام الشرعية. وغالباً ما يتحقق الاستقرار بإجماع أعضاء المجتمع
على الرضا عن مرجعية الدولة، ووجود قناعات بأهميتها وتعبيرها عن أهدافهم وقيمهم. وعندما يحدث الاختلاف
بين عناصر النظام حول المرجعية، تحدث الانقسامات وتبدأ الأزمات التي تهدد شرعية النظام وبقائه واستقراره.
ومن أمثلة المرجعيات الديمقراطية، والاشتراكية، والرأسمالية، والعلمانية.. الخ
2. التوجه نحو العمل العام: هناك فرق بين التوجه الفردي الذي يميل إلى الإعلاء من شأن الفرد وتغليب مصلحته الشخصية
، وبين التوجه العام أو الجماعي الذي يعنى الإيمان بأهمية العمل التعاوني المشترك في المجالين الاجتماعي والسياسي
. والتوجه نحو العمل العام والإحساس بالمسئولية الاجتماعية تجاه المجتمع وقضاياه من أهم مكونات الثقافة السياسية
، ذلك أن هذا الشعور بالمسئولية يدفع المواطن إلى الإيجابية في التعامل مع القضايا والموضوعات في ظل ثقافة
متشابهة مؤداها الإحساس بالولاء للجماعة.
3. التوجه نحو النظام السياسي: الاتجاه نحو النظام السياسي والإيمان
بضرورة الولاء له والتعلق به من ضرورات الإحساس بالمواطنة وما ترتبه من حقوق والتزامات. فكل ثقافة سياسية عليها
أن تحدد النطاق العام المعقول للعمل السياسي والحدود المشروعة بين الحياة العامة والحياة الخاصة. ويتضمن هذا النطاق
تحديد الأفراد المسموح لهم بالمشاركة في العملية السياسية ووظائف المؤسسات السياسية كل على حدة. كما تفرض الثقافة
السياسية معرفة حدود المشاركة في هذا النظام مثل السن والجنس والمكانة الاجتماعية والوضع العائلي.
4. الإحساس بالهوية
: يعتبر البعض أن الإحساس بالانتماء من أهم المعتقدات السياسية، ذلك أن شعور الأفراد بالولاء للنظام السياسي
يساعد على إضفاء الشرعية على النظام، كما يساعد على بقاء النظام وتخطيه الأزمات والمصاعب التي تواجهه. فضلاً عن
أن الإحساس بالولاء والانتماء للوطن يساعد على بلورة وتنمية الشعور بالواجب الوطني وتقبل الالتزامات
أثر الثقافة السياسية على النظام السياسي
يحتاج أي نظام سياسي إلى وجود ثقافة سياسية تغذيه وتحافظ عليه
. فالحكم الفردي توائمه ثقافة سياسية تتمحور عناصرها في الخوف من السلطة والإذعان لها، وضعف الميل إلى المشاركة،
وفتور الإيمان بكرامة وذاتية الإنسان، وعدم إتاحة الفرص لظهور المعارضة. أما الحكم الديمقراطي فيتطلب ثقافة
تؤمن بحقوق الإنسان، وتقتنع بضرورة حماية الإنسان وكرامته في مواجهة أي اعتداء على هذه الحريات، حتى لو كان من قبل
السلطة نفسها، كما يشترط لاستمرار النظام والحفاظ على بقائه توافر شعور متبادل بالثقة بالآخرين في ظل مناخ اجتماعي وثقافي
يعد الإنسان لتقبل فكرة وجود الرأي والرأي الآخر، ويسمح بوجود قدر من المعارضة في إطار قواعد وأطر سياسية موضوعة ب
دقة لكى تنظم العلاقة بين أفراد المجتمع السياسي.
وتؤثر الثقافة السياسية كذلك على علاقة الفرد بالعملية السياسية، فبعض
المجتمعات تتميز بقوة الشعور بالولاء الوطني والمواطنة المسئولة، وهنا يتوقع أن يشارك الفرد في الحياة العامة،
وأن يسهم طواعية في النهوض بالمجتمع الذي ينتمى إليه
وفى دول أخرى يتسم الأفراد باللامبالاة والاغتراب وعدم الشعور بالمسئولية تجاه أي شخص خارج محيط الأسرة.
وفى بعض الأحيان ينظر المواطن إلى النظام السياسي على أنه أبوي يتعهده من المهد إلى اللحد ويتولى كل شيء نيابة عنه
ويعمل على ضمان رفاهية الجماعة.
وفى المقابل قد يتشكك الفرد في السلطة السياسية ويعتبرها مجرد
أداة لتحقيق مصالح القائمين عليها ليس إلا.
لذلك يمكن القول أن الاستقرار السياسي يعتمد على الثقافة السياسية.
واستنادا على ما سبق تعريفه من الثقافة السياسية ودور النخبة ومنها الأحزاب وكذا الجماهير والحكام نتحدث فيما نعرض
عن دور الحزب ونسوق يأتي دور مهم وهو دور مثالا هنا عن حزبنا حزب الشعب الديمقراطي لترسية الدور الثقافي له على مستوى الدولة
حيث يتمتع حزب الشعب الديمقراطي المرخص منذ ستة وعشرين عاما يتمتع بوجود قيادات تؤمن بالثقافه وتعمل على تفعيل
دور الأحزاب في الثقافة وكذا تثقيف الجماهير بما يخلق نوعا من التلاحم المعنوي يؤدي الى تنوير الفكر السياسي والعمل
على توصيل أفكار الحزب للجماهير مستندا الى خطة كبيرة وطموحة أعدتها الأمانة العامة للثقافة ممتدة الى غايات اكبر
وتغطية أشمل لكل محافظات مصر
ولا يألو السيد رئيس الحزب جهدا أبدا في أن يعطي مساحات كبيرة
من الإبداع والحرية في اتخاذ قرارت تؤدي جميعها الى سرعة تنفيذ خطة الثقافة واعطاء مساحة أيضا في اختيار العناصر
التي تأخذ على كاهلها رفعة الحزب وتنمية دوره الثقافي والاجتماعي في ربوع مصر
مع تحياتي : الشاعر محمد علي – نائب رئيس الحزب – امين عام الثقافة