. تصريح نتنياهو الذي قال فيه: «الدور على مصر والأردن»، وادعاؤه أنه في «مهمة تاريخية وروحانية» مرتبطة برؤية ما يسميه «إسرائيل الكبرى» التي تشمل فلسطين وجزءًا من الأردن ومصر، ليس مجرد زلة لسان أو هذيان سياسي. إنه إعلان عدواني صريح، نسف كامل لاتفاقية كامب ديفيد، وطعنة غادرة لعملية السلام التي طالما تشدّق بها قادة الاحتلال أمام المجتمع الدولي.
هذا التصريح يفضح نوايا التوسع والاستعلاء، ويعيدنا إلى مرحلة ما قبل حرب أكتوبر 1973، حين كانت إسرائيل تعتقد أنها قادرة على ابتلاع الأرض وإذلال الشعوب إلى الأبد. لكن التاريخ علّمنا أن الغرور العسكري له ثمن باهظ، وأن من يستهين بكرامة الأمة العربية يدفع في النهاية الثمن فادحًا، تمامًا كما دفعت جولدا مائير حين انهارت باكية أمام هزيمة جيشها وصاعقة العبور المصري التي حطمت أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”.
إن نتنياهو، وهو يتحدث بهذه العنجهية، يتجاهل أن مصر التي استردت أرضها بدماء أبنائها، ، ليست مجرد خريطة يمكن رسم حدودها على هوى الاحتلال. هذه الدولة تملك إرثًا من التضحية والصمود، وتدرك أن أي تهديد لسيادتها هو إعلان حرب لن يرحم من أطلقه.
إذا كان نتنياهو يظن أن العالم العربي اليوم منشغل بأزماته الداخلية، فليتذكر أن حرب 1973 اندلعت في لحظة كان يراها العدو مثالية لابتلاع الأرض، فإذا بالجنود المصريين يكتبون ملحمة عسكرية غيرت خريطة المنطقة. واليوم، ورغم تعقيدات المشهد الإقليمي، فإن من يلوّح بتهديد مصر يلعب بالنار، والنار إذا اشتعلت فلن تبقي ولن تذر.
التاريخ لا يرحم الغزاة، وجغرافيا المنطقة ترفض الاحتلال مهما طال الزمن. ومن يتحدث عن “إسرائيل الكبرى” عليه أن يتذكر أن الشعوب الكبرى لا تُهزم بالإرهاب السياسي ولا بالغطرسة العسكرية