« *البلطجى* » لغة كلمة مكونة من شقين: « *بلطة* » ومعناها الفأس واللاحقة « *جى* » ومعناها حامل البلطجة المتمرس فى استعمالها.
بيد أن *السؤال* الذى يثيره العنوان هو: هل ثمة علاقة بين « *البلطجة* » ومفهوم « *السيادة*
*أولا*
لأن البلطجة لم تعد ظاهرة مقصورة على السلوك الشخصى الفردى، ظاهرة تتولد عندما تتوافر شروط اجتماعية معينة تتيح لها الظهور والانتشار ولعل من أهم هذه الشروط *غياب القانون* أو السلطة الرسمية المختصة بإنفاذه وتعقب مخالفيه فيصبح المناخ الاجتماعى مهيأ لظهور أفراد أقوياء *مسلحين* يستخدمون قواهم فى *إرهاب الجميع* ونشر الذعر بينهم وفرض إتاوات عليهم فلا تملك الجماعة إلا طاعتهم والاستسلام لمطالبهم تجنبا للأذى.
*ثانيا*
لأن البلطجة انتقلت من السياق الاجتماعى للعلاقات الفردية إلى سياق العلاقات الدولية تحت مصطلح « *المروق*» *أى أن الدولة التى تمارس أفعال البلطجة تنعت بالدولة المارقة.*
لكن المدهش فى الأمر هو أن *البلطجة الدولية* اكتسبت أساسا شرعيا أتاحه لها القانون الدولى بما يمتلكه من أساليب وحيل فنية تتقنع *بالعدالة* .
لذلك فإن دريدا يرى فى *الولايات المتحدة والدول الحليفة لها أمثلة حية على الدول المارقة* المتمرسة فى «البلطجة». فقد جعلت الولايات المتحدة من نفسها شرطيا يراقب العالم ليضمن إنفاذ القانون والحفاظ على النظام العالمى فيه وفق ما يراه هو متمشيا مع مصالحه. فله أن يعلن الحرب على الدولة الذى يستشعر منها مروقا وله أن يفرض عليها *حظرا اقتصاديا،* وعلى جميع دول العالم أن تدين له بالولاء والطاعة. وعندما انهار *الاتحاد السوفيتى عام* ١٩٩٣
أعلن الرئيس الأمريكى بيل كلينتون أمام الأمم المتحدة فى صراحة شديدة أنه بدأ فعليا فى تطبيق سياسة *الانتقام والعقاب على الدول التى تعتبرها الولايات المتحدة دولا مارقة،*
تكرر هذا *التصريح* مرارا على أفواه سفراء الولايات المتحدة ووزراء دفاعها أمثال مادلين *أولبرايت وويليام كوهن* الذى أعلن ذات مرة أمام العالم أن الولايات المتحدة ستتدخل عسكريا من جانب واحد ودون موافقة مسبقة من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن كلما استشعرت أن مصالحها الحيوية معرضة للخطر. ومن نافل القول إن مفهوم النظام الدولى ومؤسساته يقوم على قواعد وحقائق مفروضة على الجماعة الدولية. فبخلاف مثلا تمييزه للدول الكبرى بسلطات واسعة كحق الفيتو فى مجلس الأمن غالبا ما يعتمد تفسيراتها للنصوص *القانونية الدولية* ووسائل تطبيقها. لأن النظام الدولى برمته وإن اعتمد مبدأ المساواة فى *سيادة الدول* إلا أنه فى الواقع يدين فى وجوده ومدى فاعليته للدول الكبرى ولا غرابة إذا انتهجت الولايات المتحدة *البلطجة* فى تسيير الأحداث الدولية وإذا ضربت *إيران* بالقنابل وإذا شاهدنا رئيسها مؤخرا يحذر القضاء الإسرائيلى من عواقب إدانة نتنياهو فى قضايا الفساد المرفوعة ضده رغم توافر الأدلة القاطعة على إدانته.