كتبت نجوى نصر الدين سيناريو تدخل الصين أو روسيا أو باكستان دعمًا لإيران وتداعياته على العالم العربي في عالم تتزايد فيه التوترات وتتقلص فيه المسافات بين الدول بقوة التكنولوجيا والسياسات المتشابكة، لم يعد أي صراع “محليًا” بحق. ومع تصاعد التوترات حول إيران، يبرز سؤال خطير: ماذا لو تدخلت قوى كبرى كالصين أو روسيا أو حتى باكستان لمساندة طهران عسكريًا أو استراتيجيًا؟ هل نكون أمام مشهد معقد ينذر بحرب إقليمية موسعة؟ أم أننا نقترب أكثر من حافة حرب عالمية ثالثة تتجاوز حدود الجغرافيا؟ أولًا: مثلث التدخل المحتمل — روسيا، الصين، باكستان ● روسيا: ليست المرة الأولى التي تتقاطع فيها مصالح موسكو وطهران، لكن دعم روسيا لإيران هذه المرة سيكون أكثر خطورة: دعم عسكري نوعي (دفاع جوي، صورايخ دقيقة). تغطية سياسية في مجلس الأمن وعرقلة أي قرار أممي ضد إيران. محاولة لتشتيت تركيز الغرب عن أوكرانيا بإشعال جبهة جديدة. ● الصين: لا تبحث بكين عن صدام مباشر مع واشنطن، لكنها لن تتخلى بسهولة عن حليف نفطي بحجم إيران. دعم اقتصادي واسع (خرق العقوبات، تسهيلات تجارية). تحرك بحري محدود لحماية طرق الطاقة. استخدام “أدوات الضغط الصامتة” (مناورات بحرية مشتركة، تجميد التبادل بالدولار). ● باكستان: رغم علاقتها المعقدة مع السعودية والغرب، إلا أن أي تدهور داخلي طائفي أو ضغط من الصين قد يدفعها للانحياز: مشاركة استخباراتية محدودة. دور رمزي يعكس الانقسام في القرار الباكستاني. احتمالات لتصعيد داخلي في حال انقسام حول الموقف. ثانيًا: الحروب غير التقليدية في الواجهة ● حرب بالوكالة: أسرع السيناريوهات تحققًا. إشعال الجبهات المشتعلة أصلًا: لبنان (حزب الله)، اليمن (الحوثيون)، سوريا (الميليشيات الموالية). دخول إسرائيل المباشر يعقّد المشهد، ويستدرج أطرافًا جديدة. ● حرب إلكترونية: تعطيل بنوك، مطارات، محطات كهرباء. تهديد الأمن السيبراني في الخليج ومصر وحتى أوروبا. ● مضيق هرمز: شريان النفط العالمي، أي تهديد له يرفع أسعار النفط بشكل كارثي. توريط البحرية الأمريكية والأساطيل الغربية في صدام مباشر. ثالثًا: من يتأثر في العالم العربي؟ ● الخليج العربي: الخطر الأكبر: أهداف عسكرية ونفطية مكشوفة. ارتفاع الإنفاق الدفاعي، ومخاوف من اضطرابات داخلية. ● العراق وبلاد الشام: ساحة تصفية حسابات إيرانية أمريكية. انهيار ما تبقى من البنى الأمنية. احتمالية تقسيم فعلي أو انهيار سياسي. ● مصر وشمال إفريقيا: تأثر مباشر بقناة السويس والنقل البحري. ضغط اقتصادي نتيجة تضخم أسعار الطاقة والغذاء. تصاعد التوترات الاجتماعية الداخلية. ● اليمن ولبنان: مسرحان جاهزان للاشتعال. تصعيد قد يتحول لحرب شاملة صغيرة داخل الصراع الكبير. رابعًا: هل نحن على أبواب حرب عالمية ثالثة؟ في حال انخرطت أمريكا بشكل مباشر، وردت روسيا أو الصين بأي تحرك نوعي (ولو غير شامل)، فإننا نكون قد تجاوزنا “الحرب بالوكالة” إلى “صدام جيوسياسي مفتوح”، وقد تكون الحرب المقبلة مختلفة: بدون جيوش كاملة على الأرض… بل بطائرات مسيرة وقراصنة سيبرانيين. بدون إعلان رسمي… بل بصمت مضطرب وتوتر متصاعد في الإعلام. بدون فاصل جغرافي واضح… فالحرب تمتد عبر الإنترنت والأسواق وناقلات النفط. خامسًا: ماذا يعني ذلك للعالم العربي؟ نحن في قلب العاصفة، لا على هامشها. التحالفات الهشّة ستُختبر. الأنظمة التي بنت استقرارها على النفط والتجارة ستواجه لحظة الحقيقة. والناس العاديون سيدفعون الثمن في شكل تضخم، قلق، وفوضى غير متوقعة. وأخيرًا: قد لا نكون نحن من يشعل الحرب، لكننا – كالعادة – سنكون أول من يتلقى نيرانها. وفي عالم لم يعد يفهم معنى “الحياد”، ربما حان الوقت للتفكير جديًا: هل نبني خططنا على احتمالات السلام؟ أم على منطق التأهب لزمن الصدام؟ تحياتي نجوى نصر الدين