كتبت نجوى نصر الدين نحو ثقافة تُحرّك المستقبل: العقل الناقد والوعي الكامل أساس النهضة في زمن تتسارع فيه التغيرات، وتتشظى فيه المعاني بين المعلومة والخبر، نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى ثقافة ليست مجرّد زينة معرفية، بل قوة دافعة للتقدم، ثقافة تُبنى على أساس العقل الناقد والوعي الكامل، لا على الحفظ والتكرار. إننا لا نبحث عن كمٍّ معرفي، بل عن نوعية ثقافية تُحرّك العقول وتطرح الأسئلة قبل أن تُسارع إلى الإجابات. فالثقافة الحقيقية ليست في ما نعرف، بل في كيف نعرف، ولماذا نعرف، وماذا نصنع بهذه المعرفة. ولذلك، فإن مسؤولية بناء هذه الثقافة لا تقع على عاتق الأفراد وحدهم، بل تحتاج إلى منظومة كاملة تتكاتف فيها المؤسسات الجامعية، والمراكز الثقافية، والندوات الأدبية والفكرية، لتكون جميعها بيئات حاضنة للفكر، وفضاءات حرة للعقل، ومساحات يتعلم فيها الإنسان كيف يُعيد التفكير في أفكاره. لابد أن نتحول من مستهلكين للمعرفة إلى مشاركين في إنتاجها، من متلقين إلى مساهمين، من قارئين لما يُكتب إلى صانعين لما يجب أن يُقال. إن المؤسسات التعليمية، وعلى رأسها الجامعات، مدعوّة اليوم لتجاوز الأدوار التقليدية، والانخراط الحقيقي في تنمية الوعي الثقافي والمعرفي، عبر مقررات جديدة، ومؤتمرات حيّة، ومراكز أبحاث تستمع وتُشرك وتُنضج. والندوات الأدبية والفكرية ليست رفاهية ثقافية، بل صمّام أمان ضد الانغلاق والتطرف، وهي القادرة على بناء أفق تطلعات جديدة، تساهم في تحديد المسارات الفكرية لجيل كامل من الشباب الذي يفتّش عن المعنى في عالم متغيّر. إن مشروع الثقافة الواعية لا يُبنى في يوم، ولا بجهد جهة واحدة، لكنه يبدأ دائمًا من إيمان حقيقي بأن الأمة التي تملك وعيًا ناقدًا، هي وحدها التي يمكن أن تصنع مستقبلها، وتعيد تموضعها في مشهد الحضارة. فهل نبدأ؟! تحياتي نجوى نصر الدين