كتبت نجوى نصر الدين نداء في زمن الصخب مصر بحاجة إلى العقول لا الضجيج في زمنٍ تتعالى فيه الأصوات وتختلط فيه الحقائق بالهواجس، تقف مصر — كعادتها — شامخة، لكنها مُثقلة. وما أحوجها الآن إلى من يُنصت، لا من يُصيح، إلى من يُفكّر، لا من يُهرّج، إلى من يُخلِص، لا من يتكلم باسمها ليرفع شأن نفسه. نقولها بهدوء، بلا صخب ولا ضجيج مصر فى أمسّ الحاجة لسماع أصوات عاقلة وعقول مفكّرة، قادرة على قراءة اللحظة، وفهم تعقيداتها، ورؤية ما وراء الغبار. لقد أصبحت عقولنا — نحن أبناءها — غير قادرة على استيعاب ما يحدث، وكأن الضجيج المتعمّد هو حائط صدّ ضد الفهم.
ليست مصر فقيرة في العقول ولا في الكفاءات. على العكس، مصر مليئة بالسياسيين والمثقفين والمفكرين، فيهم الهادئ الرصين، وفيهم المشتبك مع همّ الوطن بلا رغبة في صعودٍ زائف. لكن أين هم؟ لماذا يتوارى الحكماء بينما تتصدّر الشاشات وجوه لا تُشبهنا؟ من العار، نعم من العار، أن نترك الساحة خاوية إلا من مهاويس الكرة وبرامج الهيافة.
مصر كبيرة فعلاً، وتحتاج كل المخلصين، كل من يحمل همّها لا همّ نفسه، كل من يضع مصلحة الناس فوق مصالح الفُرجة والادّعاء. إنها بحاجة إلى من يُسندها، لا من يُثقل كاهلها بالعبث والعناوين الزائفة.
ليس نداءً غاضبًا، بل نداء من القلب. نقولها أهو، بهدوء جدًا: إن مصر تستحقّ أفضل مما يُقدَّم لها الآن، تستحقّ صمت الحكماء حين يتكلّمون بعقل، لا ضجيج المهووسين حين يملأون الشاشات بلا وعي.