كتبت نجوى نصر الدين الحرية الحقيقية لا تساوم على قيمك ومبادئك
إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان حرًا، وأعطاه من العقل ما يجعله قادرًا على اتخاذ قراراته ومواقف حياته بعيدًا عن أي تأثير خارجي. والحرية التي منحها الله لنا ليست مجرد حرية جسدية أو سياسية، بل هي حرية فكرية وروحية، تدفع الإنسان إلى أن يكون صادقًا مع نفسه ومع الآخرين، وأن يحافظ على كرامته، وضميره، ومواده التي يؤمن بها.
الحر هو الذي لا يساوم على أفكاره ومبادئه مهما كانت المغريات. فهو ليس مجرد شخص يعيش في عالم من التردد أو الخوف، بل هو الذي يتمسك بمواقفه ويرفض أن يبيع عقله لأطماع أو مصالح شخصية أو مجتمعية. هذا هو الشخص الذي يرفض أن يتنازل عن قيمه لأجل حفنة من المال أو متاع الدنيا الزائل. بل يسعى إلى تحقيق أسمى الأهداف التي يراها في حياته، والتي تنبع من ضمير حي وقلب عامر بالصدق والوفاء.
إن الحرية الحقيقية هي أن يظل الإنسان مخلصًا لمبادئه مهما كانت التحديات. قد يواجه هذا الشخص صعوبات في الحياة، وقد يتعرض لضغوط من المجتمع أو من السلطة، لكنه يظل ثابتًا على مواقفه، لأن الحرية لا تعني فقط أن تفعل ما تشاء، بل أن تكون حرًا في أفكارك، أن ترفض أن تخضع للضغوط التي قد تؤثر على قناعاتك أو تشوش عليها.
الحرية تتطلب شجاعة، وهذه الشجاعة هي التي تجعلنا قادرين على مواجهة الواقع بقوة، وعدم الخضوع للابتزاز الفكري أو الأخلاقي. في عالمنا اليوم، قد يظن البعض أن الحرية تعني أن تكون مستعدًا للتضحية بكل شيء من أجل مصلحة شخصية أو ترف من الترف المادي. لكن الحقيقة أن الحرية تعني الحفاظ على كرامتك واحترامك لذاتك، وعدم التفريط في وطنك أو أصدقائك أو قيمك التي تربيت عليها.
يجب أن نعلم أن الثمن الحقيقي للحرية هو الالتزام بالقيم الإنسانية النبيلة. الحر ليس من يبيع ضميره في سبيل المال أو النفوذ، بل هو من يظل مخلصًا لقيمه ومبادئه في ظل كل الظروف. فلك أن تكون حرًا في اختياراتك، ولكن تأكد أن الحرية الحقيقية هي في عيشك بأصالتك، دون المساس بما يعز عليك من قيم ووطن وأصدقاء. إن الحرية التي منحنا إياها الله ليست مجرد سمة عابرة في حياتنا، بل هي أساس لعيش حياة كريمة ومشرفة. كن حرًا كما خُلقت، واجعل مبادئك وضميرك دليلًا لك في هذه الحياة. تحياتي