لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة. عادل شلبى
“الأمن الجيوسياسي” ليس بالمصطلح الجديد، رغم عدم اعتيادنا على سماعه، إلا مؤخراً، وهو ما يرجع للأحداث التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، ودور مصر المهم في المنطقة، في ضوء موقعها الذي وصفه المفكر المصري، جمال حمدان، بأنه “عبقري”.
ووفقاً للعلوم الاستراتيجية، فإن مفهوم الجيوسياسي يرتبط بموقع الدولة الجغرافي، وما لذلك الموقع من تأثير مباشر على سياستها الأمنية والدفاعية، وكذلك على سياستها الخارجية، سواء مع الدول المحيطة بها، أو مع القوى العظمى. وبتطبيق ذلك المفهوم على الأمن الجيوسياسي المصري، نجده مفهوم متعدد الجوانب، يشمل حماية مصر من التهديدات الداخلية أو الخارجية، على حد سواء، من خلال التدابير السياسية والاستراتيجية التي يتم اتخاذها لحماية مصالح مصر واستقرارها، وسيادتها، أخذاً في الاعتبار امتدادها، وانتمائها، الجغرافي والاستراتيجي، إذ يمتد موقع مصر الجغرافي بين قارتي أفريقيا وآسيا، التي تحتضن شبه جزيرة سيناء، فضلاً عن تصنيفها كدولة شرق أوسطية، وأحد دول حوض البحر المتوسط، لامتداد سواحلها الشمالية عليه، وأحد دول البحر الأحمر، ومن كل ذلك يتأكد أهمية موقع مصر ليس في الشرق الأوسط فقط، ولكن في العالم كله.
يضاف لأهمية مصر وجود قناة السويس ضمن أراضيها، كأحد أهم الممرات الملاحية العالمية، التي تعد محوراً حيوياً للتجارة العالمية والنفط، فضلاً عن كونها ممراً أساسياً في المحور البحري لطريق الحرير مع الصين، وهو ما يفرض بدوره انعكاسات على استراتيجية مصر الجيوسياسية، التي تتطلب حفظ التوازنات مع الدول المجاورة والقوى العالمية، لفرض سياسات من شأنها تخفيف التوترات العالمية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، الذي فرضت عبقرية موقع مصر الجغرافي أن تكون مركزه، فضلاً عن كونها بوابة أفريقيا وآسيا.
يتأثر الأمن الجيوسياسي كذلك بالأحداث الإقليمية وقدرة مصر العسكرية للحفاظ على مكانتها الجيواستراتيجية في المنطقة، كما يتأثر، كذلك، بالاستقرار الاقتصادي الذي يتشابك مع الأمن الجيوسياسي، ومثله في ذلك والتماسك الداخلي لمصر، خاصة على الصعيد الاجتماعي، الذي يلعب دوراً حيوياً وهاماً للأمن القومي المصري. أما على صعيد العلاقات الدبلوماسية، فلابد من خلق علاقات متوازنة ومتزنة مع دول الجوار والتكتلات العالمية، لضمان الاستقرار الأمني الجيوسياسي المصري، باعتباره أحد ركائزها للاستقرار الشامل والنمو والتنمية.