لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى تدور القواعد العسكرية حول القانون، وأساليب استخدامه للتحكم في نظم العمل في الميادين العسكرية، مثله في ذلك كالقضاء الذي ينظمه قانون الجنايات، أو قانون الضرائب، وغيرهم، أو مجال الاقتصاد الذي ينظمه قانون الاستثمار، وقوانين إنشاء الشركات وتوزيعات الأرباح وغيرهم. وكذلك في العمل العسكري، نجد القوانين التي تنظم عمل مختلف جيوش العالم، كتلك المعمول بها في الجيش البريطاني وتسمى “Land Operation”، أو في أمريكا والمعروفة باسم “Field Manual”، أو المتبعة في مصر، وهو “قانون القتال”، والتي تحدد، على سبيل المثال، المواجهة التي يعمل عليها أحد ألوية المشاة، عند البدء في عملية هجومية. أما من الناحية الاستراتيجية، فتنصح القواعد بعدم فتح جبهتين هجوميتين في وقت واحد، لضمان عدم توزيع، أو تفتيت، الجهود النيرانية والعسكرية في الاتجاهين، وتركيز هجوم الدولة في اتجاه واحد، وتأجيل الهجوم في الاتجاه الثاني لوقت آخر. ولتوضيح الأمر، بمثال قريب للأذهان، دعونا نسترجع مفاجأة حرب أكتوبر 1973، عندما شنت مصر وسوريا هجومهما على إسرائيل، في وقت واحد، مما وضعها في موقف صعب، عجزت خلاله عن مجابهة دولتين، في اتجاهين مختلفين، فكانت الخسارة حليفتها. واليوم، بينما إسرائيل منخرطة في حربها الغاشمة على غزة، شمالاً وجنوباً، حتى منطقة رفح، نجدها تفتح جبهة جديدة في الشمال، ضد حزب الله في جنوب لبنان، بعدما اغتيالها لفؤاد شكر، الرجل الثاني في حزب الله. قبل أن تفاجأ، بجبهة جديدة تُفتح عليها، عندما هاجمت طائرة مسيرة تل أبيب، وضربت المنطقة التي تتواجد بها السفارة الأمريكية. أُطلقت تلك الطائرة المسيرة من اليمن، وطارت لمسافة 2000 كيلو متر، لمدة عشر ساعات، دون أن تنجح وسائل الدفاع الأمريكية أو قوات التحالف الفرنسي-الإنجليزي، في التعرض لها، أو حتى التقاطها، خلال رحلتها فوق البحر الأحمر. ورغم إعلان الجيش الأمريكي عن إسقاط ثلاث طائرات مسيرة، في ذلك التوقيت، إلا أن ذلك لا ينفي تغير قواعد اللعبة، في إسرائيل، بمواجهة جبهة جديدة، وهي اليمن. وكأن إسرائيل لم تكتف بتلك الجبهات الثلاث، التي لم تتمكن من إحراز تقدم على أيهم، لتضيف جبهة قتالية جديدة، ضد إيران، في أعقاب اغتيال إسماعيل هنية، الذي اغتالته في العاصمة الإيرانية، طهران، في نهاية يوليو الماضي. وستكشف الأيام القادمة عن قدرة إسرائيل على الحرب على تلك الجبهات الأربعة؛ في غزة، وفي الشمال ضد حزب الله بلبنان، ثم جبهة اليمن، وأخيراً الجبهة الإيرانية، فضلاً عن الجبهة الداخلية، الناتجة عن غضب الإسرائيليون من حكومة نتنياهو، التي يرون في قراراتها سبباً للزج بهم في كل تلك المعارك.