*حياة الماعز في اليابان*
*بقلم : محمد عتابي*
مع انتشار مقتطفات من الفيلم الهندي المسمي ” *حياة الماعز* والذي تناول بالنقد *لنظام الكفيل* في المملكة العربية السعودية ودول الخليج .
كان من الواجب أن نبحث عن تلك القضية في بعض دول العالم لنري *أحوال العمالة الأجنبية ” وسنتناول أحوال لعمالة الهندية في اليابان*
يشهد *الحضور الهندى فى اليابان* ارتفاعًا كبيرًا. عام ٢٠٠٧ كان هناك ( *٢٠٥٨٩* ) هنديًّا. وبعد ست سنوات زاد عدد الأشخاص بمقدار (٢٠٠٠) شخص فقط، أو نحو ذلك. ولكن بحلول عام ٢٠٢٢ ارتفع العدد ليقترب من ( *٤٤٠٠٠* ).
لم يكن الهنود ينظرون إلى اليابان كوجهة أحلام مثل الدول الغربية، خاصةً الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا. ومع ذلك، ظهرت دوافع جديدة للمهاجرين الجدد الذين وصلوا خلال العقد الماضى، ومنها الانبهار بالرسومات المتحركة، أو الثقافة المحلية اليابانية، أو أعمال أدبية، مثل كتابات هاروكى موراكامى،
وصل التجار الهنود الأوائل إلى اليابان فى أوائل سبعينيات القرن التاسع عشر لتسهيل تجارة *الحرير اليابانى* . وبعد مرور ١٥٠ عامًا، طرأ على المشهد تحول ملحوظ مع زيادة عدد المهنيين الهنود المهرة فى اليابان.
ولا يمكن المبالغة فى تقدير الدور المحورى الذى أدّته *طفرة تكنولوجيا المعلومات* فى الهند فى تغيير صورة البلاد فى مختلف أنحاء العالم، وتعزيز الطلب الخارجى على المهاجرين، الذى يغذيه أيضًا الانحدار الديموجرافى فى الدول المتقدمة.
ومن الملحوظ للدارسين أن هناك تحولًا واضحًا فى نظرة اليابان إلى الهند، حيث بدأ اليابانيون الاعتراف بالهند باعتبارها *قوة اقتصادية سريعة النمو* ، مما أضاف سردًا جديدًا إلى تصوراتهم الحالية.
لقد كان هناك تحول من «أين الهند؟» إلى «رائعة الهند!»، وقد تزامن هذا مع تغييرات كبيرة فى العلاقات *السياسية، والاستراتيجية* ، والاقتصادية بين الهند واليابان منذ نهاية الحرب الباردة.
فى عام *١٩٩٨* ، أدّت أول تجربة نووية أجرتها الهند إلى توتر العلاقات مع اليابان، لكن الزيارة التى قام بها رئيس الوزراء السابق يوشيرو مورى إلى الهند، فى أغسطس ٢٠٠٠، أسهمت فى تحسن تلك العلاقات.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت العلاقة أقوى. وفى عام ٢٠١٦ حدث تحول كبير، حيث وقّعت الدولتان اتفاقية للتعاون فى التطبيق السلمى للطاقة النووية.
ويبذل كلا البلدين جهودًا للترويج لليابان كوجهة، ليس فقط للمهاجرين الهنود من ذوى المهارات العالية؛ بل أيضًا للمهاجرين الهنود غير المهرة.
وعلى العكس من ذلك، يُنظر إلى الهند على أنها وجهة جذابة للشركات *والاستثمارات* اليابانية. وفى الهند، ترتبط اليابان بالاجتهاد والسعى إلى الكمال، ويتم التركيز الآن على تثقيف المهاجرين المحتملين بشأن الثقافة واللغة اليابانيتين، وكيف يمكن للهنود أن يتعلموا دروسًا قيّمة من النهج المنضبط الذى تتبعه اليابان.
فى الماضى، كانت دول، مثل الهند، مصدرًا للعمال المستأجرين الذين كانوا تحت رحمة المجتمعات المضيفة لهم، ويخضعون لقواعد صارمة. ومع ذلك، فقد تغيرت الأوقات
. وفى عالم أكثر عولمة، أصبحت الهجرة طريقًا ذا اتجاهين، والدول المتقدمة، مثل اليابان، تطلب من المهاجرين سد الفجوات فى سوق العمل، مع تقدم السكان فى السن، وتقلصهم.
إن النهج المشترك بين الثقافات الذى يهدف إلى تعزيز فهم أعمق يتجاوز مجرد الصور النمطية، من الممكن أن يؤدى دورًا محوريًّا فى تقليل *الاعتداءات اليومية، والاعتداءات الصغيرة* ، وتعزيز الوعى بالثقافات الأجنبية. هذه المبادرات ليس لديها القدرة على جذب المهاجرين الهنود فحسب؛ بل تجعل الحياة أيضًا تجربة أكثر إيجابية لجميع المقيمين الأجانب.
وكما هى الحال فى كثير من الأحيان فى اليابان، فإن مناقشة هذه الأفكار والالتزام بها من المرجح أن تكون مهاما شاقة وطويلة، لكن اليابان اتخذت قرارها بفتح السوق للعمالة الهندية، حيث تتغير الأمور بسرعة كبيرة، وهذا خبر جيد للمهاجرين الهنود، وللشركات فى اليابان التى تحتاج إليهم.