*من الخرطوم الي أسوان*
*بقلم : محمد عتابي*
على الرغم من اندلاع *الحرب* الدامية بين الجيش وقوات *الدعم السريع في السودان* قبل أكثر من عام، لايزال الآلاف يفرون من البلاد يومياً، وفق مفوضية *الأمم المتحدة* لشؤون اللاجئين.
فقد فرّ آلاف *السودانيين* وما زالوا يعبرون حدود البلاد يومياً، ومن هؤلاء الصحافي السوداني *محمد خليل كارا* ، الذي تحدث ” عن رحلة خروجه من السودان في الأيام الأولى من بدء الحرب وحتى وصوله إلى مصر.
وكشف *كارا* أنه أمضى 12 يوما على وقع دوي الانفجارات التي كانت بعيدة نسبيا من مكان سكنه في حي جبرة جنوب، إلى أن نزح إلى مصر في 5 مايو/أيار *2023* .
كما أضاف أن ” *يوم الهروب* الكبير ركب هو وزوجته وأكبر أبنائه وابنته الوحيدة، على عجل وقلق، داخل باص متجه إلى مدينة *وادي حلفا* أقصى الشمال على الحدود مع مصر. وتابع “خرجنا بملابسنا التي نرتديها فقط، تاركين خلفنا كل حصيلة عملي الصحفي في الخليج لما يقارب الأربعين عاما”.
*فيلم رعب غربي*
إلى ذلك روى أهوال ما لاقوه في الطريق فيقول “على مدى نحو خمس ساعات، كنا نتابع من نافذة الباص مشاهد السلب والنهب للشركات ومخازنها على طول الطريق من شارع الستين في شرق *الخرطوم* حتى وصولنا إلى آخر نقطة في أم درمان كما لو كنا نشاهد فيلم *رعب* غربيا”.
ووصف لحظات من *الرعب* عاشها مع أسرته وركاب الحافلة، حيث توقفت في نقطة تفتيش على مدخل جسر الحلفايا في الخرطوم بحري، الأمر الذي كادت بسببه تتوقف القلوب من الخوف والرعب.
كما أضاف “صعد إلى الحافلة طفل يحمل رشاشا من طراز ( *كلاشينكوف* ) أكبر من حجمه، متدثرا بالزي التقليدي للدعم السريع”. وتابع “جال ببصره بيننا وسألني ماذا تعمل، وكان السائق قد حذرنا إن كان بيننا طبيب أو إعلامي أو ضابط أن يخفي هويته”.
وصول بعد *ثلاثة أيام* من المعاناة
وتواصلت الرحلة الخطيرة حتى الوصول إلى أسوان جنوب مصر بعد *ثلاثة أيام* من المعاناة، مرورا بمعبر (اشكيت ـ قسطل) البري الذي استغرق عبوره يومين بسبب تكدس عشرات الآلاف من الهاربين من نيران الحرب.
*مدارس سودانية خاصة*
أما عن أحوال الطلبة السودانيين الهاربين من الحرب في مصر، فكشف أن “الأسر السودانية اضطرت إلى إلحاق أبنائها التلاميذ بمدارس سودانية خاصة انتشرت فجأة بعد وصول الآلاف من السودانيين، بغرض *استثماري* بمبالغ معقولة نسبيا مقارنة بالمدارس المصرية الخاصة”.
وأضاف أن “هنالك أسرا *ميسورة* تعتمد على عائليها العاملين في دول الاغتراب ( *الخليج أو أوروبا أو أميركا* )، وتستطيع أن تجاري هذه الأوضاع، ل
كن أعتقد أن الغالبية من أبناء *السودانيين* النازحين لا يجدون فرصة للالتحاق بمدرسة، ما يعني أن جيلا بأكمله سيكون مدرجا في فئة ( *الفاقد التربوي* ) وهذا من أكبر الكوارث غير المحسوسة حتى الآن، للحرب اللعينة”.
*مصاريف بالدولار في الجامعات*
فيما تابع قائلاً: “أما بالنسبة *للجامعات* ، فالأمر أسوأ”، موضحاً أنه لم يعد الطلبة السودانيون يعاملون معاملة الطالب المصري في مصاريف التعليم كالسابق، بل أصبح على عاتق الأسر دفع مبالغ كبيرة وبالدولار الأميركي لإلحاق أبنائها في الجامعات المصرية.
كذلك ذكر أن غالبية السودانيين النازحين إلى مصر *عاطلون* لا يمارسون أي نشاط، يقضون أوقاتهم في المقاهي وهو وضع مؤسف ومزر وخطير، على حد تعبيره
، مشيراً إلى أن قليلا منهم نجح في *الاستثمار* في قطاعات خدمية استهلاكية مثل المقاهي والمطاعم والبقالات الصغيرة التي تبيع منتجات سودانية محلية.
*أزمة السكن وارتفاع الأسعار*
في موازاة ذلك لفت إلى أن
معظم العائلات السودانية النازحة ارتكزت في منطقة فيصل، إلا أنه بعد ارتفاع أسعار هذه المنطقة وغلائها على المهاجرين،
وعن سبب اختياره لمصر للهروب من نيران الحرب، قال: “أعرفها وأعرف أهلها، وأحبهم *ويحبونني* ، ويعرفها أجدادي منذ دهر سحيق،
فهي مصر التي ذكرت في القرآن الكريم بـ ( *فولها وعدسها* ) وقال فيها المولى جل وعلا: ( *ادخلوها بسلام آمنين)* ودخلها جد جدي وجدي وأبي فوجد فيها حقا أمنا وسلاما ورفاها”.
وختم قائلاً إنه وجميع السودانيين يحلمون بانتهاء هذه الحرب والعودة إلى وطنهم ليعيشوا في سلام ورفاهية، تحت سلطة تحقق مطالب وشعارات ثورة شعبها، والتي أكد عليها واعتبرها لا تقبل المساومة ” *حرية، سلام، وعدالة* “.