يوم الشهيد
بقلم : محمد عتابي
تحتفل مصر يوم السبت القادم، 9 من مارس، بأغلى أيامها، وهو “يوم الشهيد“، الذي خلدته مصر رمزاً لمن قدموا أرواحهم، عبر السنين، فداء لها، ولأمنها، واستقرارها، ورخاءها، وسيادتها. وقد اختارت مصر هذا التاريخ، تحديداً، لموافقته لذكرى استشهاد الجنرال الذهبي،
الفريق أول عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، خلال حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل، الذي استشهد في ذلك اليوم من عام 1969، على الخط الأمامي للدفاعات المصرية،
على الضفة الغربية لقناة السويس، وأمامه خط بارليف الإسرائيلي، على مسافة 200 متر، هي عرض قناة السويس. استشهد البطل المصري وهو يتفقد الدفاعات المصرية، في سابقة أولى لم تحدث في التاريخ العسكري من قبل، أن يستشهد رئيس أركان حرب قوات مسلحة على الخط الدفاعي الأول!
و في مصر، فقد تم إنشاء “النصب التذكاري” لشهداء مصر، بعد حرب أكتوبر 1973، الذي صُمم على شكل هرمي، رمزاً للعمارة المصرية العريقة، وعلى أضلاعه كتبت أسماء عدد من الشهداء المصريين،
المختلفين في انتماءاتهم الدينية، والمتفقين في هدف واحد هو الدفاع عن مصر، في كل حروبها المجيدة، وأسفل النصب التذكاري، دُفنت رفات أبناء مجموعة من الجنود المصريين، الذين لم يتم التعرف عليهم بعد الحرب، ليكونوا أساس
“قبر الجندي المجهول” كرمز لكل شهداء مصر، الذين ننعم اليوم بالأمن والرخاء، بفضل تضحياتهم. كما تم إنشاء نصباً تذكارية، في كل محافظات مصر، لتكريم شهدائها، فما من بقعة في أرض مصر، إلا وجادت بخيرة رجالها، للدفاع عن الوطن.
ولاحقاً، انضم إليهم قبر الرئيس الراحل أنور السادات، بطل الحرب والسلام، الذي طالته يد الغدر، واستُشهد في نفس المكان، أثناء الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر.
ومثل كل عام، ستبدأ مراسم الاحتفال، بهذا اليوم، بتشريف السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، يصاحبه القائد العام للقوات المسلحة وكبار قادتها، وكبار رجال الدولة
، لوضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري، وقبر الجندي المجهول، وقبر الرئيس الراحل أنور السادات، صانع قرار حرب أكتوبر العظيمة، وهو ما يتزامن معه وضع أكاليل الزهور على النصب التذكارية للجيوش الميدانية، وبكل محافظات مصر.
يتبع ذلك أداء صلاة الجمعة التي يحرص السيد رئيس الجمهورية على أدائها مع قادة القوات المسلحة،
ويعقبها تقليد أصيل، أسسه الرئيس السيسي، وهو دعوة أسر الشهداء والأبناء إلى لقاء موسع معهم لتناول الإفطار، في احتفال أسري رائع، للتأكيد على أن الوطن لم ولن ينسى، أبداً، أبناءه المخلصين.
وكما تحرص الدولة على الاحتفاء بالشهيد، فأتمنى، كما كررتها مراراً، ألا يقتصر هذا الدور على المراسم الرسمية، فقط، بل أن يمتد كذلك إلى المدارس والجامعات ومراكز الشباب
، في يوم التاسع من مارس، من كل عام، سواء من خلال كلمات الصباح في المدارس، أو من خلال التواصل مع وسائل الإعلام، ولا مانع من دعوة بعض أسر أولئك الشهداء، في كل محافظة، ليستلهم الجيل الجديد القدوة،
وليتعرف على عظمة تضحيات شهداء مصر، البواسل، الذين جادوا بأرواحهم، في كافة حروبها، على مر السنين، وآخرها حرب القضاء على الإرهاب، لكي يعيش الشعب في أمن وطمأنينة، ويشهد ذلك الاحتفال، في هذا اليوم الغالي.