فلسطين من الداخل
بقلم : محمد عتابي
منذ السابع من أكتوبر الماضي وعيون العالم كله تنظر وتترقب ما يحدث في *غزة* والكل ينتظر *الانتقام الصهيوني* من كل ما هو فلسطيني. والجميع لم ولن ينظر للمشهد الفلسطيني كاملا .. وهذا سبب كتابة هذا المقال حتي تتضح الصورة الكاملة
*كيف تفاعل الشارع مع الدعوات للتحرك في الضفة؟*
تحولت نقاط الاحتكاك في أغلب محافظات الضفة الغربية إلى نقاط مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، ولوحظ استخدام الرصاص الحي بكثافة أكثر من أي وقت مضى، وسجل استشهاد 122 فلسطينيا وإصابة أكثر من 2000 حتى مساء الاثنين.
كانت الأجواء أكثر سخونة شمالي الضفة حيث جرت اشتباكات مسلحة خلال اقتحامات جيش الاحتلال لمخيمي جنين وطولكرم، إضافة إلى عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية تبنتها كتيبة جنين.
ومنذ اليوم الأول لم تتوقف الفعاليات الشعبية والمسيرات والوقفات التضامنية مع غزة في مراكز المدن وأمام مقرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مع انتهاء بعضها بمواجهات مع الاحتلال عند نقاط التماس.
وهنا يرى *خريشة* أن الشارع فعل ما يستطيع فعله، مضيفا أن من رسائل المقاومة التي وصلت للفدائيين الجدد أن هناك قوة في غزة تقف معهم وتسندهم.
وأشار إلى “دور رائع وجيد شمالي الضفة، إضافة إلى حراك الشارع العفوي وخروج مظاهرات والالتحام مع قوات الاحتلال في نقاط التماس”
*ماذا فعل المستوطنون بالضفة؟*
تزايدت بشكل ملحوظ اعتداءات المستوطنين في الضفة بالتزامن مع العدوان على غزة، فمن جهة وزعت عليهم الحكومة الإسرائيلية مزيدا من الأسلحة، ومن جهة ثانية يتم التغاضي عن أفعالهم ويحظون بالحماية.
ومنذ بدء العدوان قتل المستوطنون 8 فلسطينيين شمالي الضفة، ونفذوا عشرات الاعتداءات على الفلسطينيين
وممتلكاتهم، مما أدى إلى تهجير عشرات العائلات من تجمعات قريبة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية منها 30 عائلة من تجمعات “زَنُوتا” و”عنيزان” و”سوسيا” جنوبي الخليل في اليومين الماضيين.
كما لاحظ مواطنون فلسطينيون، وفق توثيق منظمة بتسيلم الإسرائيلية، مداهمة المستوطنين للتجمعات الفلسطينية بزي الجيش وتهديدهم إذا بقوا في مواقعهم.
*أين تقف الأجهزة الأمنية الفلسطينية من العدوان؟*
تفاوتت ردود فعل الأجهزة الأمنية بين المحافظات من السماح بالمسيرات إلى اعتراضها وتفريقها كما حصل في مدينة رام الله، حين هاجمت مسيرة تضامن مع غزة، وقتلت المواطن محمود أبو لبن في 17 أكتوبر الماضي، والذي أعلنت المؤسسة الأمنية في بيان تحملها “المسؤولية عن الحادث المؤسف”.
ووفق توثيق منظمة “محامون لأجل العدالة” جرى اعتقال ما يزيد على 50 شخصا في محافظة رام الله وحدها في 17 أكتوبر/تشرين الأول، وهو ذات اليوم الذي قصف فيه الاحتلال المستشفى المعمداني في غزة مخلفا مئات الشهداء والجرحى.
*لماذا تغيب العمليات الكبيرة* وإلى أين تتجه الضفة؟
يرى محللون أن الضفة الغربية جبهة ساخنة على الدوام، لكنها مكشوفة للاحتلال نتيجة السيطرة العسكرية وبسبب سنوات طويلة من الاعتقالات والملاحقة من قبل السلطة الفلسطينية وجيش الاحتلال.
مع ذلك يقول الباحث السياسي أحمد أبو الهيجا إن وضع الضفة الغربية “معقد بحيث أنه لا يمكن ضمان بقاء الوضع الحالي أو الحكم باعتباره خذلانا لغزة”.
ويضيف في حديثه “هناك حالة شعبية متعاطفة جدا وتعطش لبناء حالة مقاومة، لكن الإشكالية أن بنية المقاومة ضعيفة ومضروبة ومنهكة
من قبل الاحتلال أصلا من خلال العمل الموضعي الاستباقي باستهداف بنية حماس تحديدا، والتشكيليات المحتملة ومن يشتبه بعلاقته بالمقاومة”.
وأشار أيضا إلى موقف السلطة الفلسطينية “غير المعنية بوجود أي حالة تؤدي إلى عمل يؤثر على وجودها، فهي لا تسمح بأبعد من الأعمال التقليدية كالمواجهات أثناء دخول المدن، ومن ثم المحافظة على الوضع القائم مع استمرار التنسيق مع الاحتلال”.
وتابع أن الضفة حاولت وتحاول، وأثبتت السنوات الأخيرة أنه ليس بالضرورة أن تعمل بشكل تنظيمي منظم “إنما قد تعمل من خلال الإيهام والإيحاء والتقليد، وبالتالي انهيار الوضع القائم وحالة الهدوء من خلال أعمال فردية في أي وقت”.
وأشار إلى محاولات عديدة في الأسابيع الأخيرة لتنفيذ عمليات، لكن “اليقظة الإسرائيلية العالية وقلة الخبرة لدى الأفراد والمجموعات حالت دون التنفيذ”.
ووفق الكاتب الفلسطيني، فإن تطورات الأسابيع القادمة مرهونة بطريقة تعامل الاحتلال مع الضفة “أي سلوك إجرامي من المستوطنين أو ضغط أو تعنيف أو ممارسات عنصرية أو سلوك غير محسوب، قد يخرج الوضع عن السيطرة”.
يخلص أبو الهيجا إلى وصف جبهة الضفة بأنها “مترددة وحذرة ومترقبة وفرص اشتعالها تكون أكبر إذا دخلت جبهة الشمال (لبنان) في الحرب، لأن ذلك يعزز الثقة بالنفس، ويوحي بأن الأمر ليس جولة في غزة وتنتهي أبعد من ذلك كما في جولات سابقة”.