حرب ” جي بي اس “
بقلم : محمد عتابي
تحاول إسرائيل التشويش على صواريخ حزب الله اللبناني، الذي انخرط في مواجهات شبه يومية مع الدولة العبرية على الجبهة الشمالية، منذ اندلاع الحرب بين الأخيرة وحركة حماس في 7 أكتوبر الماضي.
وتجري إسرائيل هذا التشويش عبر التلاعب بإحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي المعروف باسم “GPS”.
لكن هذا الأمر يعرض حياة الإسرائيليين والطائرات التجارية للخطر، كما يقول موقع “بوليتكو” الإخباري الأميركي.
وقال الموقع إن إسرائيل تشوش على نظام GPS في معظم مجالها الجوي شمالا لحماية نفسها من صواريخ حزب الله.
واستند الموقع في تقريره إلى مجموعة من الباحثين في جامعة تكساس الأميركية، الذين تتبعوا إشارات هذا النظام في المنطقة لسنوات.
ولاحظ هؤلاء ظهور نمط غريب في النظام، بعدما شنت حركة حماس هجومها المفاجئ يوم 7 أكتوبر.
وعلى سبيل المثال، فإن الطائرات التي تحلّق قرب البحر الأبيض المتوسط تختفي عن الأنظار لفترة وجيزة فوق أجزاء كثيرة من إسرائيل من على النظام.
ووفقا لهؤلاء، فإن هذا الأمر علامة على تضليل لنظام GPS، وهو تكتيك يجعل موقع الطائرة أو الصاروخ الموجه بدقة أو أي جسم يستخدم هذا النظام غير دقيق.
ويقول تود همرفيز الأستاذ في جامعة تكساس إن هذا أكثر مؤشر استمرارا ووضوحا على تضليل هذا النظام الذي شاهده في حياته.
وكان طالبه زاك كليمنتس هو الذي اكتشف نموذج التضليل.
على الجهة الأخرى، فإن الطيارين يستخدمون نظام GPS بوصفه واحد من أبرز أدوات الملاحة لهم، فهو يظهر طرق التحليق، ويقلل من استخدام الوقود ويساعد في عمليات الهبوط.
وفي ظل التشويش على النظام، تصبح هذه الطائرات معرضة للخطر في حال كان طياروها يستخدمون هذا النظام، لذلك نصحت إسرائيل الطيارين باستخدام أنظمة بديلة.
ومثلا في سبتمبر الماضي، وقع تضليل لهذا نظام GPS في العراق وإيران، مما أدى إلى دفع الطائرات التجارية للتحليق في المجال الجوي الإيراني من دون ترخيص.
والصواريخ التي تستخدم نظام تحديد المواقع العالمي قد تضل طريقها في حال جرى التشويش عليها مما يعصب التكهن أين ستسقط في الأراضي الإسرائيلية، وهو ما قد يشكل خطرا إضافيا على الإسرائيليين من الصواريخ التي تكون معدة لضرب أهداف عسكرية.
وفي 15 أكتوبر الجاري، أعلن الجيش الإسرائيلي “تقييد هذا النظام في مناطق القتال النشط وفقا للحاجات العملياتية المختلفة”، لكنه لم يوضح إلى أي مدى التشويش في هذه الخدمة.
تمتلك المواجهات بين حزب الله وإسرائيل تاريخًا طويلًا من الحروب والعمليات، بدأت منذ نشأة المقاومة الإسلامية في لبنان وصولًا إلى يومنا هذا.
وتعود هذه التوترات اليوم إلى الحدود اللبنانية الجنوبية، في أعقاب عملية
” *طوفان الأقصى*
” التي نفّذتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات ومواقع إسرائيلية، وردّ الاحتلال بعدوان على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الجاري.
*فما هو تاريخ المواجهات بين حزب الله وإسرائيل* ؟
الانسحاب من بيروت
في الخامس من يونيو عام 1982 اجتاحت إسرائيل لبنان، وكان الظن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون سيحتل نحو 30 كيلومترًا من الجنوب اللبناني لمنع وصول قذائف المقاومة الفلسطينية إلى مستوطناته.
لكن الجميع تفاجأ بغزوٍ كبيرٍ للأراضي اللبنانية، حيث احتلت أكثر من ألف دبابة وآلاف من الجنود الإسرائيليين المناطق الجنوبية الحدودية، من بنت جبيل إلى حاصبيا.
وأحرقت قوات شارون مدينة صور الساحلية التي فرّ أهلها منها، وحاصروا مدينة صيدا، وأمطروا مدن وقرى الشوف بالقذائف، كما وصلوا إلى مناطق في البقاع اللبناني، وما إن بلغوا العاصمة بيروت حتى حاصروها محتلين الجزء الغربي منها.
وبعد شهرين، أي في أكتوبر من ذات العام، انسحب الجيش الإسرائيلي من بيروت على وقع المقاومة المتصاعدة في وجهه، مبقيًا على قواته في الجنوب وتحديدًا عند نقطة نهر الليطاني أي بعمق 35 كيلومترًا في الداخل اللبناني.
ومن هذا التاريخ والحرب مستمرة بين حزب الله والكيان الصهيوني ولكن تأخذ شكل الهدنة التي تشبه الهدوء الذي يسبق العاصفة