عابر سبيل ____________ عند مدخل القرية، كان رجل حكيم يستريح بالقرب من البئر الذي طالما قصدها مع والده الحاج مختار عندما كان صبيا يتعلم كيف يردُ الماء ،كان يسرع الخطى ليصل قبل والده الى البيت ليسمع من والدته الحكايات الكثار التي تحكى في مسامير القرية طالما كانت أمه تشد من همته فتقول “أصبحت رجلا” ولكن طالما اختبأ وراء يأسه عندما يرى الدلو قد انتصف فأين ذهب الماء ؟ يصل رجل غريب تعرف من نظرته الحيرة والاسئلة الكثيرة عن أهل الدار يريد الاستقرار في القرية يسأل الرجل العجوز: “أخبرني كيف يبدو الناس في قريتكم ؟ أحب أن أستقر هنا لقد غادرت قريتي البعيدة حيث الناس متعبون سئمت رؤية نفس الوجوه وإعادة نفس الأحاديث عن عملي السابق كحارس عمارة وعن المرض الذي أصابني ..أتعبتني أصواتهم . يجيب الحكيم :”الناس هنا متشابهون “ولم يطل في الحديث ويمضي الغريب في طريقه ثم يصل الى مقهى صغير وكراسي بالية تحكي قصص من ارتاد هذا المكان دون عنوان ،يقول لشيخ رمقه بنظرة خاطفة كان على مقربة منه استبد به السؤال ذاته ، “كيف حال الناس في قريتك؟ أريد أن استقر هنا بينكم ؟ يعاجل مدرس القرية الذي بجانب الشيخ الطاعن بالسن بسؤال مربك غير متوقعٍ – ماذا قالت لك عيون الذين التقيت بهم بين ازقة هذه القرية الصغيرة المتروكة بين أيادي الزمن ،،؟ – لقد وجدت ُصعوبة في معرفة حالهم – الناس هنا أرهقتهم الحياة فلا يدركون حتى عمق الأخاديد التي يبدو أن الزمن صنعها في تلك الوجوه الشاحبة كان حاضراً وهم يتجاذبون أطراف الحديث شاب في مقتبل العمر من ابناء القرية يبدو عليه الاتزان والهدوء قال للرجل الغريب : كيف لك ان تعرف عنا وهل تعرف طعم الحياة دون ان تتذوقها ؟..بسؤال عابر تريد أن تختصر تجارب من مروا هنا ،سل الجدران الشاحبة تخبرك عن شباب غادروا القرية ولم يعودوا ..سل البيوت أين أهلها وذويها ؟ سل من تراه عابر سبيل عن أحوال الزرع والضرع ؟ رفع فنجان القهوة ليتذوق طعمها وبمرارة قال : الناس هم الناس والأرض هي الأرض والغريب أنك لم تسأل عن أحوالهم وعن آلامهم . عمّ الصمت المكان وحمل الغريب حقيبته التي جمع فيها ملابس قديمة وأغراض قليلة مليئة بذكريات الماضي لقد سلك طريقا آخر ليرى القرية من زاوية خلفية ،سمع أصواتا بأذنه وكأن البيوت تمزق صمتها تقول مهلا أيها الغريب لا تراني بعيون منسية ؟