أعلنت الولايات المتحدة مساء السبت تعزيز منظومة الدفاع الجوى بالشرق الأوسط وسط حالة من التصعيد المفتوح بين إسرائيل وحماس وتشاحنات متواترة بين القوى الدولية على خلفية الصراع فيما تتوالى التحذيرات خشية انزلاق الصراع إلى حرب إقليمية متعددة الأطراف.
ويرى خبراء تحدثوا من واشنطن والرياض وعمان أن التعزيزات الأميركية ترتبط بشكل وثيق التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران والاحتمالات غير المتفاءلة بشأن انزلاق الصراع لحرب إقليمية
أعلن وزير الدفاع الأميركى لويد أوستن ليل السبت عن إرسال نظام الدفاع الجوى ثاد وسط التوترات المتزايدة فى المنطقة.
ويعتبر ثاد واحدا من أنظمة الدفاع الجوى الأميركية الأكثر تقدما حيث يتنافس الحلفاء فى جميع أنحاء العالم على الحصول عليه حسبما ذكرت وكالة رويترز.
وأنظمة ثاد وباتريوت هى أنظمة دفاع جوى مصممة لإسقاط الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى.وتقول الكاتبة الأميركية المختصة بشؤون الدفاع والأمن لارا سيليغمان إن الصراع فى غزة يهدد بموجة جديدة من الهجمات ضد الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، يمكن أن تقف خلفها طهران، الأمر الذى يمثل مخاطر هائلة من حرب إقليمية محتملة فى ضوء استمرار التصعيد.
وبحسب سيلغمان تعرضت القوات الأميركية فى مواقع متعددة فى جميع أنحاء العراق وسوريا لهجوم بطائرات بدون طيار استهدفت مواقعها يومى الثلاثاء والأربعاء بحسب ما أعلنه البنتاغون.وترى الكاتبة الأميركية أن هذه الأحداث مجتمعة تضيف عنصرا جديدا خطيرا إلى القتال فى غزة وتعمق المخاوف من قيام إيران بإثارة العنف فى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، مما يؤدى إلى توسيع الحرب فى إسرائيل وجذب دول أخرى.
لذلك تعمل الولايات المتحدة منذ أشهر على تعزيز وجودها العسكرى فى المنطقة حيث أرسلت الآلاف من مشاة البحرية وأرسلت المزيد من الطائرات المقاتلة من طراز F-35 وطائرات هجومية من طراز A-10 إلى القواعد الأميركية.يقول الخبير المختص بالعلاقات الدولية والشأن الأميركى كمال الزغول إن تداعيات الحرب الإقليمية ترتبط بأربعة عوامل وهى العامل الداخلي فى إسرائيل والإقليمى المرتبط بإيران والعامل الدولى المرتبط بروسيا والصين والعامل الأممى المرتبط فى وقوف المجتمع الدولى مع اسرائيل.
ويوضح الزغول أنه بالنسبة للعامل الداخلى هناك عدم رضا عن حكومة نتنياهو وهناك انقسام داخل الحكومة الإسرائيلية، وبين الحكومة والجيش وأيضا بين المحاربين القدامى والجيش وهذا قد يحدث فوضى فى اتخاذ القرار السليم في إسرائيل ويصعب من تبني استراتيجية سليمة لأن حكومة الحرب الاسرائيلية تشكلت من متنافسين سياسيين كثر وهذا يقود الولايات المتحدة للتدخل للدفاع باستراتيجية معينة وليس بسياسة الأرض المحروقة وهذا سيأخذ وقتا لتطبيقها.وبخصوص العامل الإقليمى والذى يتعلق بإيران يقول الزغول إنه يعتمد على مدى قدرة دخول القوات الإسرائيلية إلى غزة واحتلالها وتدميرها وتهجير أهلها فعندما تشعر إيران أنها ستخسر حليفها ستأمر حزب الله بالتدخل لإرباك إسرائيل ريثما تتوصل الجهود إلى حل ونشوب حرب إقليمية كبرى يعتمد على دخول القوات الأميركية بكل ثقلها فى الحرب وهو أمر مستبعد، لكنها ستعطى إسرائيل جميع الوسائل الدفاعية والهجومية.
بالنسبة للعامل الثالث وهو تواجد البوارج الروسية ودعم الروس للبنان وسوريا وحماس قد يعجل من تبنى الأميركيين خطة جديدة للتهدئة لإدارة التنافس الأميركى الروسى بالمنطقة وتبنى الدبلوماسية المكثفة ومحاولة التهدئة
العامل الرابع وقوف المجتمع الدولى لجانب إسرائيل سيعطيها مبررا لتسوية غزة فى الأرض وهذا سيسهم فى تفاقم وتوسع الحرب لكى تكون إقليمية بتهور إسرائيلى وليس بتهور حزب الله وحماس
بحسب الزغول يبدو أن هناك ضغطا على الإدارة الأميركية لتبنى استراتيجية طويلة الأمد فى المنطقة وذلك بالتواجد الدائم والمستمر فى المتوسط لمنع نشوب حرب إقليمية يستفيد منها الروس والصينيون ويشوه صورة أميركا فى الداخل وأمام الأنظمة الديمقراطية فى العالم.
ولذلك ما يفوح فى الآفق هو استراتيجية مكافحة الإرهاب من جديد وذلك بالتواجد والردع كما فعلت فى سوريا فى شرق الفرات وفى العراق فى الموصل وحدوث المعركة الإقليمية يتناسب طرديا مع الاقتراب من إنهاء حماس وخسران ورقتها المؤثرة فى المقاومة فإذا اقتربنا من ذلك تصبح الحرب الإقليمية اقرب.والاستراتيجية الإسرائيلية طويلة الامد ستأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل: ملف الأسرى تدمير البنية التحتية لحماس عمل منطقة عازلة على حدود غلاف غزة بما يقارب 5 كيلومتر وقصفها وتدميرها بالكامل ومحضوره بشكل أبدى التخلي بالكامل عن القطاع تجاريا وقطع الكهرباء وقطع الماء وعدم السماح لأهل غزة بالعمل داخل أراضى الضفة وفى محيط غزة حيث تصبح غزة ذات اتجاه واحد وهو مصر وأي تداعيات للحرب الإقليمية ستعتمد على نوعية الاستراتيجية التى تريد تطبيقها اسرائيل وما يلحقها من تصعيد بين الطرفين إسرائيل وإيران
ويقول الكاتب والمحلل السياسى السعودى سعد عبدالله الحامد إن المتابع لحجم الصراع الدولى والتنافس الكبير بين الولايات المتحدة من جهة والأقطاب الدولية الأخرى مثل الصين وروسيا من جهة أخرى يجد أن هناك تراجعا كبيرا للدور الأميركى مؤخرا فى ظل إدارة الرئيس جو بايدن.
يبدو ذلك واضحا فى القرارت المتخبطة للإدارة الأميركية مثل الانسحاب العشوائى من أفغانستان وخفض القوات العسكرية بمنطقة الخليج والشرق الأوسط فضلا عن المشاحنات الأميركية الصينية فى تايوان والحرب الروسية الأوكرانية.
كل هذع التفاعلات تأتى فى سياق التشاحن لفرض السيطرة بين المعسكر الغربي والروسى الصينى وهو ما ينطبق أيضا على أزمة التصعيد الراهن فى قطاع غزة وتقاطع المصالح الأميركى مع مساحات النفوذ الخاصة بدول إقليمية أخرى.
يبدو الصراع فى الشرق الأوسط واضحا بين واشنطن وطهران حيث تحاول أميركا العودة للشرق الأوسط بعد إعادة حساباتها ومحاولة تقليل النفوذ الصينى خاصة فى ضوء التفاعل الدبلوماسي الصيني في المحيط العربى خلال الفترة الأخيرة.
أيضا تخشى الولايات المتحدة من استمرار المشروع النووى الإيرانى الذى يمثل خطرا كبيرا على الجانب الإسرائيلى.
وجود الولايات المتحدة العسكرى اليوم الهدف الأول منه هو تعزيز قدرة إسرائيل العسكرية بمواجهة إيران.
أذرع إيران فى الشرق الأوسط تهدد إسرائيل بشكل مباشر وهو أمر لا تتهاون معه الولايات المتحدة.
التعزيزات التاريخية تأتى فى إطار رغبة الجانب الأميركى للعودة إلى المنطقة.وأيضا محاولة بايدن تعزيز مكانته قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة خاصة فى ضوء فشل إدارته فى إنجاز اتفاق بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل بسبب الاعتداء الإسرائيلى على قطاع غزة.
تعزيز التواجد العسكرى الأميركى قد يؤدى إلى انزلاق الصراع إلى ما هو أسوأ خاصة فى ظل وجود أذرع إيران واستعدادها للدخول في قلب الصراع بالمنطقة.