كتبت نجوى نصر الدين الفيسبوك هو عالم بديل، نفترض به واقعا يوميا من جهة أخرى،و نتعامل مع صفحاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي، كما لو كانت بيوتنا أوغرفنا الشخصية التي نستقبل بها أصدقاءنا، فنكتب على حيطان صفحاتنا كما لو كنا نتحدث، كما لو أننا جالسون وسط مجموعة من الأصدقاء. نتكلم عن كل شيء، نتناقش في السياسة والثقافة والفن والشعراولاقتصاد والدين والمجتمع والحب والصداقة والعائلة والطعام والشراب. نتحدث عن هواجسنا وعن مخاوفنا وعن يومياتنا كلها، عن صباحاتنا وعن مساءاتنا وعن حنيننا وعن آخر قراءاتنا. نتفق ونختلف وقد نتحالف مجموعة ضد أخرى، وقد نضحك وقد نبكي، وقد نتبادل الأسرار، نفعل هذا كله في لقاءاتنا الواقعية، “فيسبوك” عالم بديل، نفترض به واقعا يوميا ، ربما نتعامل معه كما لو كان واقعا لا افتراضاً. ولكي تكتمل صورة الواقع، يجب أن تكتمل أدواته وشروطه. الكلام وعاء هذا الواقع، وهو أداته الأولى وشرطه الأهم، به تكتمل دائرة إنتمائنا للجنس البشري، وبه نقدم أنفسنا للآخرين. الكلام نافذتنا في البيت الذي ولدنا فيه أو نشأنا فيه. النافذة جزء من البيت، تشبه كل ما فيه، ونادرا ما تكون مفترقة عنه. في حياتي اليومية، أتحدث باللغة واللهجة التي كان يتحدث بها والداي، أو باللغة أو اللهجة التي اكتسبتها لاحقاً، هي نفسها التي يتحدث بها كل المحيطين بي، مهما كانت مهنهم وثقافاتهم ومستوياتهم الاجتماعية. مهنتي هي الكتابة، وللكتابة شروطها اللغوية، أحاول إتقان هذه الشروط قدر استطاعتي، والتزم بها إلى الحد الأقصى. ليست صفحتي على “فيسبوك” المكان الذي أمارس فيه مهنتي، هي مكان أعيش فيه مع آخرين، وأتواصل معهم بالكلام، لا بالكتابة. جدران “فيسبوك” ليست دفترا ولا كتابا ولا صحيفة، ونحن لا نكتب عليها. نحن نتكلم كلامنا اليومي، وجدران “فيسبوك” هي واسطتنا عند آخرين يشبهوننا ربما نتعامل معه كما لو كان واقعا لا افتراضاً. ولكي تكتمل صورة الواقع، يجب أن تكتمل أدواته وشروطه. الكلام وعاء هذا الواقع، وهو أداته الأولى وشرطه الأهم، به تكتمل دائرة إنتمائنا للجنس البشري، وبه نقدم أنفسنا للآخرين. الكلام نافذتنا في البيت الذي ولدنا فيه أو نشأنا فيه. النافذة جزء من البيت، تشبه كل ما فيه، ونادرا ما تكون وجدران “فيسبوك” هي واسطتنا في انتقال الروح بي من نحب تحياتي