لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة /عادل شلبى
ونحن نحتفل هذه الأيام بأغلى انتصارات مصر وجيشها العظيم بمرور 50 عاما على حرب أكتوبر 73 المجيدة، فأعتقد أنه يجب أن نتذكر ماذا قدم لنا الأصدقاء من مساعدة خصوصا في إعادة تنظيم القوات المسلحة المصرية وإعادة تسليحها بعد هزيمة 1967، وهنا أقصد بالطبع الدور الذي قام به الاتحاد السوفيتي في هذه المرحلة الهامة من تاريخ مصر وقواتها المسلحة، وكان لها أثر كبير في إعادة بناء القوات المسلحة المصرية. وتسليحها بأحدث الأسلحة في ذلك الوقت ومن هنا كان الواجب علينا أن نوضح دور روسيا (الاتحاد السوفيتي) في ذلك الوقت لأن ذلك حدث وتاريخ لا يمكن إغفاله.
ولن أبدأ بحرب 73 عن مشاركة روسيا لمصر عسكريا ولكن البداية كانت منذ ثورة 52، عندما كانت أحد أهداف الثورة الستة، هو إنشاء جيش قوي. وبدأ عبد الناصر في إنشاء هذا الجيش المصري الحديث، حين تدخلت إنجلترا التي كانت تسيطر على الجيش المصري قبل الثورة، وطلبت من عبد الناصر أن يتم تحديد قوة الجيش المصري بعدد محدود من الجنود والأسلحة والدبابات وهنا رفض عبد الناصر ذلك القرار البريطاني، ولذلك اتجه في هذا الوقت للاتحاد السوفيتي الذي كان يساعد مصر في بناء السد العالي، وكانت أول صفقة سلاح لمصر عرفت باسم صفقة الأسلحة التشيكية. والتي كانت اتفاقا بين الاتحاد السوفيتي ومصر برئاسة عبد الناصر في 27 سبتمبر 1955م لإمداد مصر بأسلحة قيمتها 250 مليون دولار. من الأسلحة السوفيتية الحديثة، من خلال تشيكوسلوفاكيا، هذه الصفقة كان لها تأثير كبير في تغيير الجوانب. السياسية والعسكرية في المنطقة. وادت هذه الصفقة على كسر احتكار الغرب للسلاح إلى مصر ودول المنطقة. ولذلك، ومنذ ذلك الوقت اتجهت مصر للاعتماد على الاتحاد السوفيتي في عمليات التسليح والتدريب، للجيش المصري بكافة أسلحته البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي حتى أن كلية أركان حرب المصرية بدأت تغيير من مناهجها وعقائدها القتالية. الغربية وبدأت تتجه إلى العقيدة الشرقية الروسية. وتوقف إرسال الضباط والقادة المصريين للدراسة في كليات الغرب، مثل كلية كل كمبرلي الملكية في إنجلترا، وكلية اركان الحرب في أمريكا وفرنسا حيث تم إيفادهم إلى كلية أركان الحرب في روسيا فرونزا والتي تخرج منها معظم قادة القوات المسلحة المصرية مثل. الرئيس مبارك والمشير أحمد إسماعيل وغيرهم، وبدأت مصر في تكوين قواتها المسلحة كلها تعتمد على الأسلحة والمعدات الروسية، وبالطبع العقيدة القتالية الشرقية الروسية
واتذكر وأنا طالب في الكلية الحربية، بدأنا في دراسة اللغة الروسية مع اللغة العبرية تمهيدا لاحتمالات السفر إلى روسيا في هذا التوقيت. لاي ضابط بعد التخرج كذلك متابعة أسلوب استخدام الأسلحة الجديدة من روسيا من كتالوجات هذه الاسلحة،
وخلال تلك المدة، تحول تسليح الجيش المصري ليعتمد على الأسلحة والمعدات الروسية، وجاءت حرب 67، حيث فقدت القوات المسلحة تسليحها بالكامل في سيناء. وبدأت روسيا في إعادة تسليح الجيش المصري بالأسلحة الروسية الجديدة، فمثلا تحول سلاح المشاة من وحدات مشاة راكبة إلى وحدات مشاة ميكانيكية بالعربات البرمائية الروسية الجديدة مثل BK والتوباز. كذلك كل أنواع سلاح المدفعية وأهمها كانت أسلحة الدفاع الجوي، التي تم منها إنشاء حائط الصواريخ المصري في حرب 1973، الذي كان أحد أسباب مفاتيح النصر في حرب أكتوبر 73، فكانت معظم أسلحته من الصواريخ والرادارات الروسية كذلك طلب عبد الناصر. من السوفيت بعد هزيمة 67، إرسال الخبراء العسكريين لتدريب الجيش المصري، لدرجة أنه كان في كل كتيبة خبير سوفيتي، علاوة على خبراء في كل القيادات وإدارات الأسلحة في القوات المسلحة. وأعترف أننا تعلمنا كثيرا منهم، وكان في كتيبتي خبير برتبة مقدم، وكان يدربنا على أعمال القتال الحديثة وأسلوب استخدام الأسلحة الروسية الجديدة، ويجب علينا أن نعترف بكل ذلك، حتى عندما بدأنا التخطيط للعبور. تم الحصول على كباري العبور الروسية التي عبرنا بها قناة السويس وعلى جانب القوات الجوية، أعتقد أن طائرتنا الميج 21، و TU القاذفات الثقيلة، والتي كان يقودها اللواء حسني مبارك والسوخوي. والقاذفات المتوسطة اليوشن كذلك طائرات النقل الثقيلة الأنتينوف والتي كانت تنقل العتاد الثقيل واتذكر وانا ضابط مقاتل في حرب اليمن. كانت هذه الطائرات تنقل قواتنا حتى في الإجازات إلى القاهرة والعكس، وفي مجال البحرية كانت لنشات الصواريخ التي أغرقت المدمرة إيلات. هي روسية الصنع، كذلك المدمرات والغواصات ولنشات الطوربيد حيث اصبحت الأسلحة الروسية في ذلك الوقت هي عماد القوات المسلحة المصرية كان لها الفضل أن نحارب بها وننتصر في حرب 73، وعلى الرغم أنها كانت أسلحة دفاعية وليست هجومية. ولكن أعطى السلاح الدفاعي قوة المقاتل المصري بأن يحقق لمصر أغلى انتصار في العصر الحديث.
وهنا يجب أن نوضح أيضا أن السادات عندما طلب من الاتحاد السوفيتي أثناء مرحلة الإعداد لحرب أكتوبر 73، إمدادنا بأسلحة هجومية لبدء هذه الحرب، ولكن لم تستجب القيادة السوفيتية، لذلك المطلب انذاك مما اضطر الرئيس السادات أن يصدر قراره بطرد الخبراء الروس الموجودين في مصر. وأعتقد أن ذلك القرار كان من أهم قراراته، لأنهم لو كانوا موجودين حتى الحرب لادعى البعض أنهم هم الذين خططوا لهذه الحرب، بل قد يجزم البعض ويقول أنهم من حاربوا، لذلك أقول دائما وفي كل لقاءاتي أن قرار السادات بطرد الخبراء الروس قبل الحرب كان من اعظم القرارات التي اتخذها السادات، خاصة أن هذا القرار ساعد القيادة المصرية، على خداع الجانب الإسرائيلي واقناعهم بأن مصر لن تدخل حرب أكتوبر 73، بعد أن طردت الخبراء الروس.
ويجب ألا ننسى أن قيام الصناعات الحربية المصرية أيضا في الخمسينات، عندما قرر عبد الناصر بناء صناعة حربية جديدة، وتم إنشاء وزارة الإنتاج الحربي. تم إنشاء هذه المصانع بالخبرة والتكنولوجية الروسية، حيث تم تصنيع معظم أسلحة الكتيبة المشاة في هذه المصانع من البندقية والرشاش الكلاشنكوف. و القاذف الآر بي جي الروسي، وبعض أنواع المدافع، وقاذف المدفعية الصاروخية، والأهم من ذلك كله، إنتاج معظم أنواع الذخائر، بحيث لا يتم الاعتماد على أي دولة أخرى، وهذا من أهم عناصر الاكتفاء الذاتي عند الدخول في حرب ألا تحتاج إلى إمداد من دول أخرى
وعندما قامت مصر مؤخرا بتطوير هذه المصانع الحربية، تم تطوير معظمها من التكنولوجيا الروسية الجديدة، حيث أنها كانت في الأصل تابعة للفكر الصناعي الحربي الروسي. وهكذا نجد أن القوات المسلحة المصرية تقدر تماما. كل الجهد والمعاونة الصادقة للقوات الروسية، بدءا من صفقة الأسلحة التشيكية عام 56 وحتى الآن، وما زالت مصر تعتمد على الكثير من صناعتها وإمدادها بالأسلحة الجديدة من الترسانة الروسية لتطوير قدراتها القتالية. في إطار سياسة مصر الجديدة في تنويع مصادر السلاح التي أصبحت تعتمد على مصادر عسكرية كثيرة، روسيا، الصين، فرنسا، ألمانيا وإيطاليا، في إطار أن يكون لها جيش قوي يعتمد على أحدث الأسلحة والمعدات ولذلك أصبح الجيش المصري حاليا من أقوى الجيوش العربية والأفريقية، طبقا لإعلان جلوبال فاير باور، للدفاع عن أرضنا وأمنها القومي واستثماراتنا.