ساهمت الصحراء الشاسعة والجبال الشاهقة الوعرة على تكوين الثقافة البدوية لتشكُل هويتها المرتكزة على أوتاد قوية عميقة من القوانين والتقاليد الصارمة، النابعة من عاداتهم الأصيلة . فهو إرث ذاخر من الموروثات وثوابت من الزمن، حافظوا على استمراره في يوميات حياتهم، في تمسُّك فريد من نوعه بقيم إنسانية، تمثِّل ثقافة مكان ورمزية بقاء رغم كل عواصف ملاحقات إغراء حداثة العصر. فقد كان ولايزال لأهل الصحراء مناجم مثالية لصناعة الرجال الأفذاذ، لاعتنائهم بقيم العمل، وغرسهم هذه القيم في وجدان أبنائها منذ نعومة أظافرهم، وهي القيم التي ظلت تكرس في حياتهم كما ينبغي، لتعزيز هذه الروح في النفوس. حول الميراث الحضاري للثقافة البدوية حاضر الأستاذ حمد خالد شعيب باحث ثقافي أولى محاضرات ثاني محاور الملتقيات الثقافية المعني بالخصوصية الثقافية الجامعة بين الثابت والمتغيرالذي تقدمه الإدارة المركزية لإعداد القادة الثقافيين برئاسة الدكتورة منال علام التي رحبت بالسادة المشاركين بالملتقى عبر البث المباشرة متمنية عليهم أن ينهلوا من خبرات السادة المحاضرين ويستفيدوا جل الاستفادة من معلوماتهم وخبراتهم ليطوعوها بمجال عملهم . ليتفضل الأستاذ حمد بالتأكيد على أن لكل مجتمع خصائصه الاجتماعية والنفسية والحضارية، وهنا يتوجب الوقوف حول مفهوم المجتمع بين طباع “البدوي والمدني”، مشيراً إلى أن المقصود هنا بالبداوة، ليس مجتمعات عدم الاستقرار والتنقل سعياً وراء الماء والعشب والصيد العشوائي كما قد يُفهم، بل فقط نمط الحياة المجتمعية الذي نجده يسود بوجه خاص خارج الحواضر. لنجد أنفسنا أمام خيارين ، خيار عقلية “البداوة” بما تكفله من التفكير الجماعي والتدبير التشاركي والغنى القيمي وكل مظاهر المروءة، وخيار عقلية “التمدن” موضحاً إن بعض السوسيولوجيين نبشوا في مختلف القوانين التي تحكم السلوك “البدوي” من خلال رصد السلوكيات والمواقف في المجتمعات البدوية، بقصد استثمار الصالح واعتماده في مؤسسات التنشئة. خاتماً محاضرة اليوم بأن حياة البادية مليئة بقيم المحبة والكرم، إذ كان إنسان الصحراء له ارتباط في حياة التقشف جعلت منه كائنا صلبا قويا لديه القدرة على المواجهة عند الشدائد والظروف، فهو لا ينكسر ولا ييأس ومخزونا لا ينتهي من القيم والأخلاق والقوانين والأعراف يصعب اختراقه أو تجاوزه.