لواء دكتور/ سمير فرج متابعة عادل شلبى ومرة عام على الحرب الروسية الأوكرانية، أهم وأطول الحروب في العصر الحديث بعد الحرب العالمية الثانية، ورغم أنها تصنف طبقا للعلوم العسكرية، أنها حرب محدودة بين دولتين، وليست حرب عالمية، إلا أنها حرب عالمية من حيث التأثير. في البداية نتذكر عندما كانت روسيا وأوكرانيا ضمن دولة واحدة هي الاتحاد السوفيتي، خلال تلك الفترة أهدى رئيس الوزراء السوفيتي الأسبق خرشوف أوكرانيا شبه جزيرة القرم، والتي كانت تابعة لروسيا، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي، قامت روسيا عام 2014 بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا بالقوة، بعد اجراء استفتاء بين أهالي المقاطعة، وتبعاً لذلك فرضت أمريكا، ودول حلف الناتو، عقوبات اقتصادية على روسيا منذ هذا التوقيت. وفي يناير 2022، أعلنت أوكرانيا أنها سوف تنضم إلى حلف الناتو، الأمر الذي أزعج روسيا، باحتمال وجود قوات من 28 دولة على حدودهم، وحذرت أوكرانيا من الانضمام لحلف الناتو ولما لم تلتزم بذلك قامت روسيا يوم 24 فبراير 2022 بالهجوم على أوكرانيا، حيث نجحت روسيا في تدمير البنية الأساسية العسكرية الأوكرانية، في العشرة أيام الأولى من القتال، وذلك بالهجوم على المطارات، والقواعد الجوية، والرادارات، ومراكز القيادة، وقوات الدفاع الجوي، والتجمعات الرئيسية، والاحتياطيات الاوكرانية، ثم تقدمت لمهاجمة كييف العاصمة، لكن القوات الأوكرانية لجأت إلى حرب المدن حيث تعثرت هجمات القوات الروسية. لذلك حولت روسيا اتجاهات الهجوم، وتقدمت شرقا حيث حققت في ثمانية شهور الاستيلاء على 20% من الأراضي الأوكرانية، واستولت على أربع قطاعات هي لوهانسك دونتسيك زابورجيا وخرسون بعدها قام بوتن بضم هذه الجمهوريات إلى روسيا بعد عمل استفتاء بين أهالي هذه المناطق. وكان هدف روسيا منذ بدء القتال هو أربعة نقاط رئيسية؛ إجبار أوكرانيا أن تكون دولة محايدة، نزع سلاحها مثل سويسرا، والثانية عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، أو اي حلف آخر، ثم ان تتعهد أوكرانيا بألا تكون دولة نووية. وأخيرا تعترف أوكرانيا بحق روسيا في ضم شبه جزيرة القرم إليها. وخلال تلك الفترة تعرضت معظم دول العالم إلى مشاكل اقتصادية، بسبب نقص الحبوب من الذرة والقمح والزيوت والأسمدة، حيث تنتج كل من روسيا وأوكرانيا ثلثي احتياجات دول العالم من الحبوب. حيث قل المعروض، وارتفعت الأسعار، وفي مجال الطاقة، زادت الأزمة، حيث أن احتياجات أوروبا تصل إلى 50% من الطاقة من روسيا، ولذلك ارتفع معدل التضخم في معظم دول العالم. خلال تلك الفترة كان الدعم العسكري من حلف الناتو والولايات المتحدة إلى أوكرانيا، عبارة عن أسلحة دفاعية، مثل صواريخ جالفن المضادة للدبابات وصواريخ ستينجر للطائرة بمديات تصل من 3 إلى 5 كيلو حتى عندما قامت أمريكا بتزويد اوكرانيا بصواريخ هيمارس التي يصل مداها إلى 70 ثمانين كيلو كان شرط الولايات المتحدة، ألا تقوم أوكرانيا باستخدامها لقذف العمق الروسي، لتجنب تصعيد روسيا أعمال قتالها، وليصبح لها مبرر لاستخدام القنابل النووية التكتيكية. ومع دخول الشتاء تغيرت استراتيجية روسيا حيث عمدت إلى عدم القيام بعمليات هجومية رئيسية، والاكتفاء بتحسين موقف قواتها على الخطوط الدفاعية التي وصلت إليها، واصبح هدفها هو الاستيلاء على خاركيف من وجهة نظر تكتيكية. لأنها عقدة مواصلات هامة في المنطقة كما قامت بتدمير البنية الأساسية التحتية المدنية الأوكرانية، وبالذات الكهرباء، حيث وصل عدد المحرومين من الكهرباء في أوكرانيا إلى 9 مليون أسرة في الشتاء القارص. كذلك ركزت روسيا على تضييق الخناق على إمداد الدول الأوروبية بالغاز لإجبار شعوب هذه الدول على الثورة ضد حكوماتها، بسبب دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وبدأت روسيا خلال هذه الفترة.، بلاستعداد لهجوم شامل امام أوكرانيا في الربيع القادم عندما يذوب الجليد، وتصبح الطرق والمحاور أكثر صلاحية لتقدم القوات وسهولة الإمداد بالذخيرة، والمواد اللوجستيكية. وأخيراً بدأ الغرب في العمل على إمداد أوكرانيا بأسلحة هجومية تمثلت بإمدادها بالدبابات ليوبارد الألمانية وهي دبابات قتال رئيسية، كذلك قيام أمريكا بإمدادها بالدبابات M1A1 ابرامز وهي أحدث ما هو موجود في الترسانة الحربية. كذلك بريطانيا بإمدادها بدبابات تشالنجر ومن فرنسا دبابة الاستطلاع أم أكس وفي نفس الوقت قامت أمريكا بتزويد أوكرانيا بصواريخ الباتريوت المضادة للطائرات كذلك شجعت إسرائيل على إمداد أوكرانيا بأسلحة هجومية ولعل أهمها نظام القبة الحديدية كذلك دبابات من قطر وبولندا وكندا. ولقد طلبت أوكرانيا أيضا طائرات إف 16 أمريكية لكن حتى الان تحفظت أمريكا والدول الأخرى على ذلك الطلب حيث أن هذه الطائرات تحتاج إلى تدريب كبير للأطقم الأوكرانية، ورغم أن هذه الأسلحة الهجومية الجديدة من الدبابات من أنواع متطورة إلا أن حجم الدبابات المنتظر. وصولها إلى أوكرانيا حوالي 150 دبابة، وسوف تدخل المعركة، ليس قبل الربيع القادم. نظرا لحاجة الأطقم الأوكرانية للتدريب عليها لأن تسليح الجيش الأوكراني في السابق كانت دبابات روسية، كذلك فإن هذه الأعداد لن تحقق للجيش الأوكراني نسبة تفوق للقيام بعمليات هجومية لاستعادة الأراضي التي فقدها في العام الماضي. لذلك من المنتظر تأخرها في اللحاق بعمليات روسيا في الربيع القادم. لذلك تعقدت الأمور في سبيل الوصول لمباحثات سلام بين الطرفين. حيث اعتبرت روسيا أن ما تقوم به الولايات المتحدة هي حرب بالوكالة تنفذها أوكرانيا لصالح أمريكا، ودول حلف الناتو، وحتى عندما نادى هنري كيسنجر وبعض المفكرين بضرورة سرعة الوصول إلى سلام لحل هذه المشكلة، حيث يرى العديد منهم. أن روسيا لا يمكن أن تخرج من هذه الحرب مهزومة وكذلك أمريكا ودول حلف الناتو، لذلك مطلوب الآن سرعة الوصول إلى مباحثات سلام بين الأطراف المتصارعة، وإلا إنه مع دخول الربيع سوف تقوم روسيا بعمليات هجومية شاملة، للاستيلاء على مزيد من الأراضي الأوكرانية. ومن المنتظر أن يكون هدف روسيا الأول في هجوم الربيع القادم، هو الاستيلاء على ميناء أوديسا على البحر الأسود لمنع أوكرانيا من أن تكون لها موانئ على البحار وخاصة البحر الأسود وبعد ان فقدت السيطرة على بحر أزوف. وسوف تستخدم روسيا في هذه المعارك أسلوب الأرض المحروقة مستخدمة أنواع الصواريخ الروسية الجديدة كينج والإسكندر ويوم القيامة كذلك من الممكن أن تفكر روسيا بالاستيلاء على كييف العاصمة لإسقاط النظام الأوكراني. كل هذه التقديرات سوف تقود العالم إلى ضرورة اللجوء إلى السلام لأن السلام هو الذي سيعود ليس على روسيا أوكرانيا فقط ولكن على كل دول العالم.